تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مرايا القلب لا مرايــــا الدم!

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 4-4-2012
نبيه البرجي

هي دمشق، التي وجوهها، جدرانها، حواريها، مرايا القلب، لا مرايا الدم!

هي دمشق، التي إذا تألمت، تألمت أرواحنا.. التي إذا تألمت، تألم الدهر.. أليست المدينة التي ترعرع فيها الدهر؟‏

هي دمشق، التي لا ينام فيها التراب، ولا ينام فيها الوجد، ولا ينام فيها الياسمين، ولا تنام فيها الأيدي إذا حاول من حاول أن يخدش البرق الذي هو معطفها..‏

هي دمشق، التي لا نعرف كيف نحيا وقوفاً، كيف نموت وقوفاً، إذا لم تكن في عيوننا، وديعة الله في عيوننا!‏

هي دمشق، التي ما زال فيها ورد غرناطة، والتي بعثت بمناديل المرمر إلى سمرقند، والتي حكاياتها كما القصائد حين تعانق المطر..‏

هي دمشق، التي إن فاض بردى، فاضت الفلسفة، وفاض الشعر، يا مدينة على خاصرة الوعد، لا أحد إلا ويراك، إلا وينتظرك، على خاصرة الوعد..‏

هي دمشق، التي تضاء فيها قناديل الأزل، وحتى الأزل، من ذا الذي يستطيع أن يكون قاتلاً، لا عاشقاً، ليديك.. أولئك، يا سيدتي، يا سيدة الماء وسيدة القمر، عبثاً يحاولون أن يقتلوا.. يديك.‏

هي دمشق، التي الهواء فيها ثوب الروح.. يا قوافل العرب التي كانت تغتسل بالصفصاف كما لو أنها تغتسل بالنص المقدس.. ألم يحدثكم دمشقي عن حزن، فرح، عشق، الأنبياء؟‏

هي دمشق، التي اللهفة فيها المسافة بين دقة القلب ودقة القلب.. وحين قال مسافر لزرياب الأندلسي غن من أجلها، بكى، ثم بكى، ثم بكى لأن قلبه، بالكاد يتسع لليلة من ليالي هشام.‏

هي دمشق، التي يقول ابن عربي، وهو في موته: هنا الموت صلة الوصل بين ما بعد الحياة وما قبل الحياة، وهو صلة الوصل بين صلاة الأقحوان وصلاة الأولياء..‏

هي دمشق، التي يقول فيها الزمن ما يقوله اللؤلؤ للبحر.. من خزانة في حائط حائر لكأنه حائط البدايات، أجل لكأنه حائط البدايات، تفتح أبواب الأزمنة، وتفتح أبواب اللآلئ.. ذاك الفجر العتيق الذي لا يجد ملاذاً إلا بين الهدب والهدب حين يصدح الآذان في وجنتيك..‏

هي دمشق، مرايا القلب لا مرايا الدم!!.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 نبيه البرجي
نبيه البرجي

القراءات: 896
القراءات: 933
القراءات: 1025
القراءات: 1113
القراءات: 1153
القراءات: 1049
القراءات: 947
القراءات: 1154
القراءات: 1005
القراءات: 985
القراءات: 1107
القراءات: 1222
القراءات: 1200
القراءات: 1303
القراءات: 1085
القراءات: 1253
القراءات: 1169
القراءات: 1116
القراءات: 1045
القراءات: 1162
القراءات: 1114
القراءات: 1153
القراءات: 1187
القراءات: 1196
القراءات: 1275

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية