وغربية تشهدها سورية منذ الاستقلال ...! وكلنا يعي أيضا السر الكامن وراء استمرار ثبات اقتصادنا وقوته من منطلق مقومات هذا الصمود وعناصره الرئيسة , التي يستمدها من تنوع اقتصادنا الوطني الذي تشكل الزراعة الجزء الأساسي منه , إضافة إلى أن تحقيق الأمن الغذائي والوصول إلى الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات , وترافق ذلك بالوعي الكبير الذي أظهره الشعب السوري وتماسكه على اختلاف شرائح المجتمع بمبدأ الوحدة الوطنية , كل ذلك ساهم بالوصول إلى هذا الصمود ومواجهة أعتى وأشرس الحملات التي استهدفت سورية منذ عقود مضت ...!
وانطلاقا من هنا نقول : بما أن الجزء الأكبر من اقتصادنا الوطني يعتمد على القطاع الزراعي الذي يشكل ما نسبته 25% من الناتج الإجمالي المحلي وفق البيانات الاقتصادية , إلا أن ذلك قد انخفض إلى ما دون ال17% وترافق أيضا مع تراجع أعداد العاملين بهذا القطاع , نتيجة الظروف الطبيعية التي مرت فيها البلاد وسنوات الجفاف التي انعكست سلبا على المنتجات الزراعية , إضافة لارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي إلى نسبة لم يستطع المزارع ولا الفلاح تحمل الخسارة تلو الخسارة فيها , ما جعل البعض يخرج من هذه المعادلة ويعزف عن الزراعة تجنبا لمزيد من الخسائر ....! ونحن هنا لا نجافي الواقع أو نعاكس قوانين الطبيعة إذا اشرنا إلى الأضرار التي تصيب المواسم الزراعية كل عام , لكن لا بد من التذكير بضرورة تفعيل الدور الأبوي للحكومة وان تتسع دائرته أكثر , لا سيما أن المواطن اعتاد هذا الدور الأبوي ويدعو اليوم لترسيخه في كل مناسبة يشعر فيها المزارع حاجته الماسة لهذه الرعاية وخاصة عند الملمات ....!
وبالعودة إلى هموم وهواجس الكثير من الفلاحين والمزارعين الذين أصيبت محاصيلهم بأضرار بالغة ولحقت بهم خسائر كبيرة جراء العوامل الطبيعية والعواصف التي ضربت الزراعات المحمية مثلا أو بعدم توفير سبل التسويق الكافية لإنقاذ موسم الحمضيات من الكساد الذي وصل إليه فائض الإنتاج هذا العام ...! حيث تحولت زيادة الإنتاج فيها من نعمة إلى نقمة على أصحابها , ووصلت الخسائر بالملايين رغم أن مؤسسة الخزن حاولت جاهدة تسويق جزء من الإنتاج , لكن بقي ذلك دون الطموح نظرا للإنتاج الذي فاق المليون ومائة ألف طن ومحدودية التصريف والتسويق ...! مما يدعونا للتذكير بصندوق الدعم الزراعي الذي احدث منذ سنوات مضت , ورغم انه خصص وفق الأهداف التي احدث من اجلها والكامنة بتحقيق الأمن الغذائي والكفاءة الاقتصادية للعملية الإنتاجية مع تعزيز القدرة التنافسية للإنتاج الزراعي ...!
ورغم توفير معظم تلك الأهداف إلا أن الدعم المرجو من هذا الصندوق لم يصل بعد إلى جميع مستحقيه...! والمفاجأة أيضا أن القائمين على تمويل الصندوق قد خفضوا ميزانية الدعم المخصصة لقطاع الزراعة من 34 مليار ليرة إلى 24 مليار ليرة سورية خلال العام الحالي , في وقت ارتفعت فيه تكاليف الإنتاج الزراعي إلى الضعف تقريبا مع الإشارة إلى أن أهم عنصر من عناصر صمود سورية اليوم أمام المؤامرة كما ذكرنا تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي , بمعنى نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ...! علما أن دول الاتحاد الأوربي تخصص دعما للمنتجات الزراعية فيها بما يعادل 40 مليار يورو وهذا يشكل ثلث موازناتها السنوية ..!
فعدم وضوح آليات وطرق منح الدعم للمزارعين حالت دون وصول ذلك إلى الجميع ممن يستحقونه , مع أملنا الكبير أن يشمل الدعم المقرر محاصيل زراعية أخرى وتؤخذ بعين الاعتبار الظروف الطبيعية والتسويقية وتكاليف الإنتاج المضاعفة التي قد تتسبب بخسائر مادية كبيرة للإخوة الفلاحين , وخاصة أن موسم الحمضيات لهذا العام قد أصيب بنكسات كبيرة لعدم القدرة على التسويق والبيع بأسعار اقل من سعر التكلفة أن لم نقل يوازيها , وأيضا الخسائر التي تكبدها أصحاب الزراعات المحمية أو ما يعرف بالبيوت البلاستيكية في المنطقة الساحلية والذين ما زالوا ينتظرون التعويض عن الأضرار التي ألمت بهم , مع توسيع دائرة الدعم للمنتجات الزراعية والحد من الخسائر بهذا القطاع الحيوي والهام.....!
ameer-sb@hotmail.com