- لماذا رأوا فيها فرصة أخيرة للحكومة السورية وليس للمعارضة؟!
طبعاً أقرب للموضوعية القول مثلاً: فرصة أخيرة للحلول السلمية الدبلوماسية.. دون أن يعني ذلك دقة الطرح.. ولذلك كان الرد الروسي بعدم ربط المبادرة والحلول عموماً بمواعيد محددة.
مهمة أنان ضرورية وفرصة حقيقية، لكن ذلك لا يعني أبداً استسهالها والنظر إليها كخطة منجزة لا تحتاج إلا التطبيق على الأرض. هي تتطلب جهداً يتناسب طرداً مع النيات الطيبة لإيصالها إلى النتائج المرجوة. وبالتالي نقرأ في هدوء الموقف السوري وإيجابياته النيات الأفضل للتعامل مع المهمة وإنجاحها و الوصول إلى صيغ سلمية دبلوماسية لحل الأزمة.
مبدئياً.. وافقت الحكومة، وتقدمت خطوة – مهما كان اتساعها – لتفعيل عمل المهمة.. قبلتها دون شروط.. وقبلت موعد العاشر من نيسان.. فهي عملياً لم تعارض شيئاً، إنما استفسرت عن أشياء.. وأي عاقل يدرك أن الموقف الإيجابي والنيات الطيبة للتعامل مع المهمة يفترض الاستفسار عن كل شيء.. وإلا بقيت التفاصيل مكمناً للشياطين..
المعارضات السورية.. إما لم توافق.. وإما اشترطت.. وإما تثاءبت أمامها تثاؤب الذي لا يعرف ما يريد..متمترسة وراء قديمها بلا جديد .. أو وافقت عليها كما في حالة المعارضات الفاعلة في الشارع الآن في إطار الإصلاحات المتتابعة.. وهي التي تسعى المعارضات الأخرى لإقصائها..!!
يعني بالمختصر.. لا موقف للمعارضات المخاصمة للنظام والإصلاح «مجلس إسطنبول.. هيئة التنسيق الوطني.. تيار بناء الدولة..» جدي من مهمة أنان.. صحيح بعضها أظهر موافقات نظرية، لكن لم يظهر مواقف تحدد دورها لحماية الخطوات الممكنة في بداية الطريق..
يعني.. لم تقل أي معارضة ما هو موقفها إن قامت الحكومة بسحب القوات من داخل مدينة ما أو منطقة ما.. وقام على الفور مسلحون باحتلالها؟!
هل يضمنون، هم ومن معهم، حتى الأمم المتحدة، عدم حدوث ذلك..؟!
وإن حدث.. فماذا يظنون الحكومة ستفعل..؟!
الطبيعي أن تقاومهم بالقوة المسلحة.. ولاسيما بعد أن شهدنا وشهد العالم معنا نتائج أفعال المعارضة المسلحة ومن معها في المواقع التي احتلوها..؟! وإلا فماذا تظنون..؟!
أنا أستنتج ولا أقدم بياناً.. فالقيادة هي التي تعرف ما يجب أن تفعله لكن المنطق يقول:
إن خطوة تتخذها الدولة على قائمة الخطوات المرسومة بموجب مهمة المبعوث الدولي، تحتاج حماية تؤكد حسن النيات تجاهها، والإقدام على إثبات ذلك.. وليست المعارضة السورية وحدها التي عليها حماية هذه الخطوة وما يليها.. بل داعموها أولاً.. فيتوقفون عن التهتك في إعلان عدائهم لسورية وقيادتها.. ويقدمون الضمانات بتراجعهم عن دعم بعض أطراف الأزمة بالسلاح أو الإعلام أو القول أو الفعل..
على هذا الأساس يبدو كل ما صدر عن مؤتمر إسطنبول للمتدخلين بالشأن السوري يحوي تشويشاً على مهمة أنان أكثر مما يحوي دعماً لها..؟! في هذا المؤتمر لم ينظر أبداً إلى حلول سياسية لأن هذا النظر يقتضي رؤية مواقف أطراف الأزمة كلها وليس بعضها.. لأن الحل السلمي السياسي يكون بالتفاهم بينهم وليس بانتصار أحدهم على الآخر كما رشح عن السيدة كلينتون مثلاً..
إذا كانت مهمة أنان تشكل الفرصة الأخيرة فعلاً، ولا أظنها كذلك، فهي الفرصة الأخيرة للمعارضات وللحل السياسي المنتظر .. لأن النظام يبادر ويعلن دائما عن استعداد للحوار والتفاهم.. و... قوي..
خلال عام.. تحسنت فرص النظام وتراجعت فرص المعارضة.. ولا ينصح أحد بقراءة الأمور معكوسة.. ونحن بصدق نتمنى أن تنجح المعارضة في أن تكون المعارضة، لندخل فرصة الحل السياسي.
As.abboud@gmail.com