التي يمكن أن تكون صحيحة في نسبة ما ويمكن أن تكون خاطئة في نسبة أكبر، فضلاً عما تنطوي عليه هذه النظرية من الانحياز أو العداء السياسي المسبق !
والواقع أن ثمة ما يوجب استبعاد استخدام هذه (النظرية) من محاولات التحليل والتركيب السياسي لما يجري حول العالم من أحداث ومتغيرات، لأنها في أحسن حالات استخدامها والبناء عليها تذهب مذهباً ذرائعياً فاضحاً .. في محاولة التملص من الخطأ الذاتي من جهة وفي إلقاء التهم على الآخر من الجهة الأخرى إذ تعتبره مصدر كل الشرور والعلل الموصلة إلى الخلاف أو الاختلاف .
كان هذا جائزاً، بل ومحقاً يوم كانت المعلومات والوثائق والوقائع حول الحدث أو الموقف السياسي المعني بالتفسير والتعليل، أقل كثيراً من أن توجه بوصلة التحليل السياسي إلى ما يفيد تحليله أو إعادة تركيبه بالفعل، وكذلك يوم غاب التسييس أو تلاشى ويوم كان للأخلاق والمبادىء والقيم نصيب من هيكلية المواقف والبنى السياسية المعلنة، وحيث يذهب التحليل السياسي إلى غاياته ملازماً أو موازياً لمقولات المنطق العقلي ومناهج البحث النظرية البحتة فحسب، وحيث الوقائع والمعلومات من الضبابية والسرية المخابراتية ما يجعلها موضع تأويل واجتهاد مفتوح .. لكن :
ما جرى ويجري في سورية منذ أربع سنوات ونيف، وما انكشف أو أذيع علانية من معلومات ووثائق وصور وحقائق دامغة، حول مواضيع التحليل السياسي عامة لحقيقة (الثورة) المزيفة و (المعارضة) الكرتونية في معظمها، وفي حقيقة ولاءاتها ورخصها واتضاعها، بل وعمالتها وأدوارها ووظائفها، ثم ما انكشف وأذيع علانية من حقيقة الهجمة الإرهابية العالمية المدروسة والمخطط لها على سورية الوطن، والممولة والمسلحة والمحرضة من دول عظمى وأخرى إقليمية .. كل ذلك الملموس والمحسوس والمرئي بالعين المجردة اليوم وسواء كان فعلاً مخابراتياً أو سياسياً، يسحب نظرية المؤامرة من أي نقاش وتداول، ويجعلها مادة للسفسطة والثرثرة وليس للتحليل السياسي .
لم تعد ثمة حاجة بأحد اليوم، سواء كان من البنائين على نظرية المؤامرة في تحليله السياسي لما يجري، أو كان ممن يرفضونها ويشككون فيها، أن يراوح في جدال عقيم وممل حول الاحتكام لهذه النظرية أو استبعادها في تفسير وتحليل ما يجري في سورية وعليها، فالمؤامرة لم تعد نظرية أبداً بل واقع حي ومعاش.. افتراضاتها هي تماماً نتائجها، مرئية بثلاثة أبعاد على الأقل ومسموعة كدوي طلقة في سكون، بل إن المؤامرة حاضرة بكامل قوامها وبأدق تفاصيلها وهي تتحدث وتعلن عن نفسها كل لحظة ولا حاجة لمنهج بحث عن الحقيقة فيها ؟