عن احتمال وجود عمل إرهابي شخصي في أحد الشوارع ما استدعى استنفاراً إعلامياً دولياً في الغرب والشرق والبلدان العربية ذات الصبغة الرجعية ، إضافة للاستنفار الجنائي والأمني من الأجهزة المحلية التي بدت وكأنها تواجه الإرهاب العالمي من أصوله! فماذا ننتظر من المجتمع الدولي في قادم الأيام تجاه الإرهاب؟ وهل ننتظر من الحكومات العربية مواقف جدية وفاعلة ضد الإرهاب؟ وأخيراً أي آليات سيتبعها العالم كله وخاصة الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية ويتوافق عليها في المنظمة الدولية بمواجهة الإرهاب؟
قبل محاولة الإجابة نذكر أن الغرب الاستعماري والإدارات الأميركية المتعاقبة ومن خلفهم الحكومات الرجعية العربية وحكومة أردوغان كانت لها مواقف كاذبة من قضية الإرهاب ومحاربته، فالولايات المتحدة الأميركية التي وحدت دول العالم كلها خلفها في أكذوبة محاربة الإرهاب إثر أحداث أيلول في نيويورك وحشد المواقف الدولية لدعم غزو أفغانستان والانتقال بعدها لغزو العراق ، هي نفسها من كان يرعى إنشاء التنظيمات الإرهابية وتوظيفها في خدمة مشروع الغزو كمبررات للسيطرة على مقدرات الشعوب والبلدان في المنطقة العربية، وهي ذاتها من عمل على تلميع صورة العدوان الإرهابي على سورية وقبلها على تونس وليبيا ومصر وغيرها عبر محاولة ترويج أكذوبة الربيع العربي وقيادتها من جانب شخصيات صهيونية معروفة وخاصة برنار هنري ليفي الذي يتحرك من تونس إلى ليبيا إلى إدلب في سورية وامتداداً إلى شمال العراق ما يشير إلى اليد الصهيونية الطويلة في توظيف العملاء الذين يفتحون الأبواب لدخول الغرباء تماماً كما يتم تطبيق النموذج ذاته متكرراً دون تغيير في الجوهر وذلك بمصاحبة آلية إعلامية جهنمية أساسها ترويج الروايات الكاذبة واختلاق القصص لنشر الخراب والبغضاء وإشاعة القتل والإرهاب ، فهل سيختلف الأمر مع مصر في مواجهتها المقدسة مع الإرهاب؟
مصر نفسها لم تحدد عقيدة قتالية لمواجهة الإرهاب ولم تأخذ بالتجربة والخبرة والتعامل السوري مع أعتى وأوحش تنظيمات إرهابية شهدها العالم على امتداد تاريخه الطويل، ويبدو أن عوامل التدخل الخارجي ما زالت تلقي بظلالها على إمكانية الاستفادة من تلك التجربة ، فالعالم الغربي الاستعماري ومن خلفه الأنظمة الرجعية العربية وهي تدعي إقامة علاقات جيدة مع مصر لكنها في الحقيقة ما زالت تلعب بتوظيف الإرهاب في مخططاتهم الأساسية ، فالعدو الصهيوني ما زال يعتبر مصر عدواً استراتيجياً على الرغم من وجود معاهدة استسلام وتسوية، وبالتالي فإن إضعاف مصر يبقى هدفاً أساسياً بالنسبة للعدو الصهيوني. وهكذا علينا أن نتوقع المزيد من العمليات الإرهابية بعيداً عن التفسيرات المختلفة لمهاجمة أماكن العبادة وفق الآلية التي نفذت بها العملية الإرهابية في قرية الروضة الصغيرة في سيناء وقتل أكثر من ثلاثمئة شخص من الأبرياء ليس بينهم وبين المهاجمين الإرهابيين أي اختلاف عقائدي أو عرقي أو ديني أو فئوي ، فكيف سيبرر الإعلام الإرهابي ذلك العمل الجبان ؟ وهل ثمة احتمال لتسويقه كعمل جهادي يلقى دعماً من بعض المجتمعات؟
المحاولات لن تتوقف أبداً لكن التجربة السورية كفيلة بتغيير الخريطة التفاعلية مع الإرهاب وستغير آليات التعامل مع الإرهابيين وداعميهم ، لكن الأمر سيحتاج للحكمة وحدها ، ولا شيء غير الحكمة.