ولما ستُنتجه اللقاءات المُرتقبة المُزمع عقدها خلال الأسبوعين القادمين، حيث تبدو الولايات المتحدة على أقل تقدير غير سعيدة بما يجري، تفضحها الإجراءات التي تتخذها والمواقف التي تُعبّر عنها خلافاً لمضامين البيان الروسي الأميركي الذي صدر في ختام لقاء بوتين ترامب الأخير.
في مُقاربة الفهم الواقعي لما بات حقيقة لن تتأثر بالحركات البهلوانية التي تؤديها أميركا وبعض الأطراف التابعة لها، لا بد من التذكير بأنه ما كان لسوتشي والخطوات الناجزة فيها لتكون لو لم تفرض حركة الميدان السوري واقعاً مُغايراً للرغبة الأميركية، ولو لم تجر التحولات الاستراتيجية التي صنعها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في دير الزور والبوكمال.
الظروف الميدانية قبل السياسية التي أنضجت ما احتضنته سوتشي من لقاءات على مستوى القمة باتت راسخة، وتترسخ يوماً بعد آخر، بمعنى أنّ لعبة واشنطن بالدخول على قصة وجودها غير المشروع ومحاولة التأثير فيها بطرح تعديل عديد قواتها المحتلة هناك، قد تكون حركة تعطيلية، لكنها ستبقى بلا أثر من شأنه أن يخنق ما تم إنجازه، ويُعتقد أنّ على واشنطن يقع وجوب فهم أنّ الحالة لا تقبل الشد بها للخلف، بل إنها وضعت خلفها الكثير من التفاصيل التي تسعى أميركا للعبث بها.
إعلان أميركا - إدارة ترامب - عن زيادة عديد قواتها المحتلة في سورية في هذا التوقيت بالذات قد يتطابق مع إعلان أميركا - إدارة أوباما - عن رفع القيود عن توريد السلاح لأذرعها الإرهابية في سورية 9 / 12 / 2016 بعد انهيارها بحلب 6 / 12 / 2016 ذلك أنها بقيت حركة بلا أثر أيضاً، هل تنفع الذكرى؟.
حركة إدارة أوباما آنذاك برفع القيود عن توريد السلاح لأدواتها الإرهابية كانت حركةُ ضغط ليس أكثر، إذ لم يكن توريد السلاح مُقيداً يوماً ليجري فكه أو رفعه، ومع ذلك لم تترك الحركة إيّاها من أثر إلا فضيحة لها أُضيفت لسلسلة فضائحها، وبالتالي فإن إدارة ترامب لا تبدو بحاجة لألاعيب مُماثلة غير مُجدية في وقت تحتاج استثماره لتخرج من وحل حماقات سابقتها لا لتعلق فيه مجدداً!.
سوتشي بالعناوين التي تنطلق بها العملية السياسية الشاملة، هي محطة أساسية مهمة، وعملية معنية بالجوهر، تتقدم بثبات نحو الحل النهائي الذي لن يكون مهماً أن يجري تخريجه بالشكل منها أو من جنيف، على أنّ المهم الذي ينبغي لأميركا ومن معها أن تُدركه قبل فوات الأوان هو أنّ سوتشي ستتقدم للأمام، وهي غير قابلة للشد نحو الخلف ولا للتوقف انتظاراً للمُترددين.