بوش الذي يجيد لغة التفجير والانشطار أكثر من غيره من الرؤساء الأميركيين كونه قاد حربين مدمرتين في المنطقة حملتا معهما آلاف الصواريخ والقنابل والأسلحة الفتاكة وقتلتا زهاء مليوني شخص في العراق وافغانستان لم يدرك بعد أن من يوجه لهم الاتهامات بالتوتير وتعريض السلم العالمي للخطر كانوا السباقين في الدعوة إلى السلام والحوار , حين ذهب مع حفنة من أعوانه وحلفائه لاشعال الحروب والفتن والأزمات الدولية في أكثر من بقعة في العالم.
ومع أنه الخطاب الأخير له أمام المنظمة الدولية يبدو أن بوش لا يزال يتوهم أن مشاريعه قابلة للتحقيق, وأن هناك أحداً ممن سمع تخرصاته يؤمن بما قاله أو يقوله حيال كافة المواضيع والمسائل الدولية التي تطرق إليها, والدليل على ذلك سقوط غالبية من حوله في إدارته الكارثية نتيجة عجزهم عن تبرير الأفعال التي قامت بها هذه الإدارة غير المأسوف على قرب رحيلها فضلاً عن تخلي حلفائه عنه وانسحابهم وتبرئهم من أفعاله التي جرت عليهم وعلى شعوبهم اللوم والكراهية والحقد.
ما يثير السخرية أنه لم يتوقع أحد من المراقبين أن يأتي الرئيس الأميركي بجديد في خطابه أو أن يستخلص العبر من التجربة الفاشلة لإدارته وأفعالها المأساوية على مدار السنوات الماضية (لأن الإناء لا ينضح إلا بما فيه).
وما يزيد الطين بلة أن عبارات الرئيس بوش المكرورة والتي تفوح منها رائحة البارود والنار والخراب والموت تطايرت أمام ممثلي المنظمة الدولية , التي بقيت على مدار العقود الماضية من تأسيسها أسيرة تجاذبات الدول الكبرى المهيمنة بل وأصبحت الآن أكثر شللاً ومعاناة وانحيازاً لجانب الولايات المتحدة التي تعتبر الآن السلطة الوحيدة المسيطرة على سكناتها وحركاتها.
لكل ذلك فإنه للحد من تأثير التداعيات اللاحقة وعدم الانجرار وراء ما يريده بوش أو يخطط له لابد للداخل الأميركي والإدارة القادمة من استخلاص النتائج واستدراك الاخطاء واصلاح ما يمكن إصلاحه.
أما على صعيد المنظمة الدولية التي استخدمها بوش منبراً لتخرصاته, فلابد لهذه المنظمة من العمل سريعاً على اصلاح الخلل الذي عانت منه ولا تزال , لاستعادة دورها الذي انشئت وأسست من أجله قبل فوات الأوان.