عودة الكهرباء لسورية الطيبة الحزينة .. فرح و أمل .. لكنها تعطيك فرصاً أعرض للخيبات و الحزن المتواصل. طالما هناك كهرباء هناك فضائيات و شبكة اتصالات و مواقع لا تترك لك فرصة للهروب إلا بحدود الحاجة و الألفة الانسانية و الكتاب.
في يوم واحد يوم امس الأول تابعت على احدى الفضائيات برنامجاً متميزاً بحق للصديق غسان الشامي . كانت الحلقة عن الآثار السورية و ما حل بها ، و كان الضيف المدير العام للآثار السورية محمود حمود .. و كلاهما متخصص .. غسان الصحفي الذي كثيراً ما اهتم و تناول و قدم الآثار المنسية و هو صاحب برنامج المدن المنسية مع التلفزيون السوري ..
حلقة غنية بالعلم .. بالمعرفة .. بالقهر .. بالحزن .. أي مأساة هذه .. أي عري .. أي اذلال لروحنا الانسانية. يدمرون الآثار للسرقة للتدمير و الأذى كفعل يراه المرضى الذين لا أمل بشفائهم .. انتصار على « النظام « ..
إذا كان الأمر كذلك لا تلوموا الذين وقفوا مع النظام ، لأنهم وقفوا مع حماية التاريخ و الحضارة و الآثار و ذكر سورية.
لكن شكل التدمير كما تحدث مدير عام الآثار يشي بأبعد من السرقة و التدمير المقصود لإيذاء الدولة .. فلا يغيب عن بال أحد .. و لا هو غائب عن بال شريكي الحديث ، مسالة أخرى هي العداء للآثار من موقف ثقافي معين .. هو يكره الآثار .. يدمرها ابتغاء مرضاة وجه الخالق عز وجل .. تصوروا .. هل تذكرون كيف دمر الطالبان تمثال بوذا في افغانستان محاربة لعبادة الأوثان .. ؟؟
هذا هو التحدي الكبير .. المسألة ليست رهناً بظرف الحرب فقط بل هي متلازمة مع ثقافة محددة .. لا تقبل نقاشاً ..
إلى هنا أوصلنا الربيع العربي الخائب الذي زعموا أنه يبحث لنا عن الحرية و حقوق الانسان و الديمقراطية .. وما زلنا تحت طيف هذا الاعتبار منقسمين ..
في ليبيا قدم لنا هذا الربيع فتكاً آخر بالكرامة البشرية .. ذلك أنهم خلال البحث المسلح الذي تم بإشراف ناتو الجريمة .. و صلوا بالبلاد إلى شوارع تعج بأسواق النخاسة بشكلها القادم من عصر العبيد دون أي احتمال آخر .. تجارة البشر و من ذوي البشرة السوداء ..
عندما بدأ حراك ليبيا .. أنا من الذين وقفوا وكتبوا مراراً في هذه الصحيفة و غيرها ضد المرحوم معمر القذافي الذي كانت - برأيي - زعامته لا تطاق رغم ما مرت به من تاريخ و علاقته المميزة التي كانت مع الرئيس جمال عبد الناصر الذي لقبه برائد القومية العربية.
لكن .. هل تذكرون كيف قتلوا القذافي .. و أي عبقرية ظهرت مع أولاد فعل الناتو ؟؟!! ..
هل تذكرون يوم اعلنوا النصر على القذافي و معه الجماهيرية و عائلته و البلاد كلها ..؟ وقف سيئ الذكر مصطفى عبد الجليل .. الممهور بخاتم القذافي كأمين اللجنة الشعبية العامة للعدل .. أي وزير العدل .. و قف يهدي النصر .. لمن ؟؟!
على الميكرفون و مباشرة و أول ما تحدث ألغى قانونين .. أولهما قانون منع تعدد الزوجات .. ؟؟!!
أرأيتم ما الذي يشغل بال هذا الزاني .. ؟!
كانت فقرة أخرى في الحكاية التي أوصلت ليبيا بقيادة الناتو إلى شوارع النخاسة ..
as.abboud@gmail.com