حيث الاحتكام إلى قوانين متقادمة أو غير اختصاصية، أو حيث تسود الاجتهادات والتنسيبات الفردية التي لا تستند إلى معايير واضحة، إلى إعلام من المؤمل أن تحكمه قواعد ومعايير واضحة وموضوعية، الأمر الذي يضع الأساس السليم لتطور هذا الإعلام ونقله إلى مصاف الإعلام المعاصر، باعتبار أن القاعدة القانونية هي الأساس في نهوض أي قطاع أو نشاط ، ومن غير هذه القاعدة لا يمكن مراكمة الخبرات الضرورية، وبناء تقاليد وقواعد راسخة تنظم عمل هذا النشاط .
وحيث أن هذه الخطوة، التي ربما تكون تأخرت بعض الشيء، ستكون جزءاً من منظومة إصلاحية أوسع تشمل مسارات سياسية واقتصادية وإدارية ، فمن المنطقي الافتراض أن الإعلام حينما ينهض بوظائفه التي يتوقعها منه المجتمع بوصفه عاكسا وناقلا لهمومه وتطلعاته، فانه يسهم بصورة فعالة في تفعيل الحراك الاجتماعي والسياسي في البلاد، وتصويب مساراته، ومراقبة ونقد كل القوى المشاركة فيه بما فيها الحكومة، التي وان كانت مالكة لبعض هذا الاعلام، فانه لا يخضع بالضرورة لأجندتها وأولياتها، ( أو هكذا يفترض ) باعتبار أن الحكومة تمول الإعلام من أموال الشعب، وينبغي لهذا الإعلام تاليا أن يمثل مصالح المجتمع كله، بما فيها الحكومة.
وبهذه الروحية، وعلى هذا الأساس، نأمل أن تواكب نصوص قانون الإعلام المنتظر ما تشهده سورية من تغييرات باتجاه بناء مؤسسات راسخة، وتوسيع نطاق الحريات وتكريس سلطة القانون، ومحاربة الفساد، باعتبار أن الإعلام المتمكن والمهني والحر، هو فاعل أساسي في كل هذا الحراك، يبشر به، ويراقبه، وينقده.. وهو طاولة الحوار المفتوحة دائما لكل القوى الشريفة والواعية في البلاد، وطالما أثبتت التجارب، أنه حيثما يكون الإعلام ملتصقا بهموم الناس ومعبرا بالفعل عن قضاياهم الحقيقية، يستطيع المجتمع أن يحافظ على الحد الأدنى من توازنه، وقدرته على ضبط أي اختلالات ناتجة عن أخطاء أو ثغرات في جوانب حياته الأخرى.