تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إنه الجولان

الافتتاحية
الإثنين 6-6-2011م
بقلم : رئيس التحرير - علي قاسم

لم تعد النكسة بتلك المرارة التي كانت توجع الوجدان العربي كلما حلت ذكراها السنوية.. ولم تعد أيضاً فقط مساحات لألم يرهق الذاكرة.. بعد أن سجلت اليوم حضورها مضرجة بدماء الشهداء الذين دشنوا طريق العودة، ولو طال المقام بهم بعض الوقت.

تلك الدماء التي روت أرض الجولان، وأزالت الأسلاك الشائكة التي فصلت بين حبة تراب هنا وحبة تراب هناك قربت اليوم المنتظر، واختصرت مسافات شاسعة من الزمن، وهي ترسم غداً عربياً قد لايشبه الأيام التي سبقته، ولايقبل أن يكون امتداداً لها.‏

غد يضع نقاطه على حروف الهمّ العربي، ويعيد إلى الذاكرة العربية بعضاً من ملامحها التي اغتربت عن ذاتها، أو تعرضت للاغتراب، وهي على أرضها.. والنظر الممتد نحوها، لايزال يمني النفس بتلك الدروب المزروعة بحلم العودة والتحرير.‏

مشهد الاقتراب من الأرض المسورة يزرع الأمل بين ضفتي الأرض.. بين تلافيف التلال المتجاورة، ويؤسس لفعل عربي تقوده إرادة التجذر في هذه الأرض مهما طال الاحتلال ومهما تكن درجة عدوانيته.‏

ذلك كان الجولان في يوم النكبة، وهو في يوم النكسة يغسل يديه مما علق بها من سنين مرت، وقد طوت أشرعتها الأيام الغائرة في حسابات مضت، ليعود إلى المشهد شبان شدوا العزيمة، وأصروا على أن تكون لهم كلمتهم.‏

لم تكن صدورهم العارية وهي تتلقى رصاصات الغدر من الاحتلال الاسرائيلي فقط عنواناً للمقاومة والإرادة، بل أيضاً كانت رسالة للعالم الصامت على حقهم في أرضهم، وعلى ممارسات الاحتلال التي بدت بالأمس أكثر إجرامية وهي تحاول الاقتصاص من كل من تجرأ على المطالبة بأرضه وحقه.‏

رسالة تخطها دماء سورية وفلسطينية حيث الأرض هي الأرض ذاتها.. والديار هي الديار، وماسجلته بالأمس كان تأكيداً أنه لا معنى لأسلاك تفصل تلك الأرض، ولا معنى لخطوط تماهت فيها أطماع المستعمر والمحتل، ورسمت تلك الأوهام، فكانت الأرض أكبر من أوهامهم، حيث يتوحد الدم العربي على تلك التلال المتلاصقة.‏

لذلك ترمي النكسة بأوراقها القديمة.. تعيد ترتيب جداول يومياتها، وهي تلاقي اليوم نبضاً يعيد إلى المشهد ماكان ينتظره منذ أعوام، لا إجرامية المحتل توقفت، ولا عدوانيته تبدلت.. لكنها النكسة، هي التي تبدل من مشهدها.. من معطياتها، فيتحول الخامس من حزيران إلى موقعة لنبض جديد.. ولموقف يحاكي في تفاصيله ماغيبته السنون، وماحاولت أن تخفيه بعض الوقت.‏

هذا هو الجولان العربي السوري يوقظ من حبات ترابه المخضبة بدماء شهدائه واقعاً جديداً، وتستيقظ معه إرادات شباب كانت سواعدهم تنبض بالتحدي، وهي ترفع العلمين السوري والفلسطيني جنباً إلى جنب إيذاناً ببدء رحلة العودة والتحرير.‏

مرة أخرى إنه الجولان.. من هناك يكتب التاريخ سطوره، يسجل هلع الإسرائيليين الذين فشلت حساباتهم وتجهيزاتهم في وقف الامتداد الشعبي، أو الحيلولة دون أن تصافح الأيدي السورية والفلسطينية حبات ترابه المتلهفة لذلك العناق، فكانت قطرات دمهم تروي ظمأ طال انتظاره.. ليشرق الغد من الجولان.. من هضبة الحلم العربي في غدٍ يزول منه الاحتلال وينتهي العدوان.‏

ولأنه الجولان الذي ينبض بوجدان كل سوري.. كانت لتفاصيل يومه حضورها وبمساحات هائلة حيث ترتسم التفاصيل في ذاكرة أدمنت عشق الوطن.‏

a-k-67@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7091
القراءات: 1010
القراءات: 1169
القراءات: 955
القراءات: 956
القراءات: 943
القراءات: 1074
القراءات: 905
القراءات: 844
القراءات: 941
القراءات: 990
القراءات: 875
القراءات: 813
القراءات: 864
القراءات: 1068
القراءات: 947
القراءات: 766
القراءات: 954
القراءات: 975
القراءات: 1036
القراءات: 991
القراءات: 869
القراءات: 1039
القراءات: 948
القراءات: 1079

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية