صحيح أن للدولة دورا أساسيا في وضع القوانين التي تحكم مدخلات ومخرجات حركة الأسواق وتطبيق الأنظمة بحيث تمنع الاحتكار ووقوع الأزمات وحماية المنتج الوطني وسلامة الغذاء وأمنه ..
غير أن الصحيح أيضا أن الرقابة على نوعية السلع وجودتها وأسعارها والغش الذي يمكن أن تقع به هي مسؤوليات يتحملها المجتمع من خلال وعيه وثقافته وعاداته وتقاليده ومؤسساته العلمية والأهم جمعيات المجتمع الأهلي المعنية مباشرة بحماية المستهلك ..
ويبدو أننا لم نعرف بعد فعاليات جمعيات حماية المستهلك لأننا أمام تجربة حديثة لكن لننظر إلى تجارب الدول الصناعية بدءا من أميركا ومرورا بأوروبا وانتهاء باليابان .. إنها وحدها صمام الأمان فالجميع من تجار وصناعيين يخشى أن يقع في مرماها لأنها ستكون الضربة القاضية له .. فأجهزة الحكومة تستطيع أن تخالف منتجا أو بائعا وقادرة أن تغلق محلا أو منشأة لبعض الوقت لكن تلك الفعاليات ستستمر بعملها بعد ذلك ..
أما جمعيات حماية المستهلك وبمجرد أن تضع اسم محل يغش صاحبـــه أو ماركة مخالفة للمواصفات في نشراتها وتطلب مقاطعتها ستنتهي إلى الأبد وتخرج من السوق إلى غير رجعة ..
ولهذا فإن الإسراع بالدعوة لإنشاء جمعيات حماية المستهلك لتغطي جميع المحافظات هي دعوة صادقة لتفعيل الرقابة الشعبية لتكمل دور أجهزة الدولة المختلفة ولتجعل الأسواق واضحة وشفافة ومنتظمة وتسودها روح المنافسة العادلة ..
إن الفوضى الحاصلة في أسواقنا نتيجة تحرر الأسعار وغياب الوعي من الباعة بكل حلقاتهم وجشع الكثير منهم يجعل الناس يعيشون قلقا يوميا والمخرج من كل ذلك هو تفعيل الرقابة الشعبية التي تجعل كل مواطن رقيب وهذا هو دور جمعيات حماية المستهلك التي تضم كل غيور على مصلحة وطنه
ما يدفعنا لهذا الكلام هو البطء بإنشاء الجمعيات وسببه هذه المرة عدم المبادرة الشعبية لأن السياسة الجديدة للحكومة هي التشجيع على إنشاء الجمعيات الأهلية لتساهم في التنمية ولتشارك بشكل فعال في تنفيذ خطط الدولة .. ولننظر إلى جمعيات حماية البيئة فقد تطور عددها بسرعة جيدة ليصل إلى نحو 30 جمعية بينما لا يزال عدد جمعيات حماية المستهلك خجولا .. فكيف سننظر مستقبلا إلى اتحاد لجمعيات حماية المستهلك في سورية ولتفعيل قانون حماية المستهلك وكذلك قانون سلامة الغذاء .. لابد من التحرك وفي الحركة بركة ..