لست أدري كيف ذكرتني تلك الرواية بمعاناة امرأتين أميركيتين: الأولى هي الجدة (هيللن توماس) المراسلة الصحفية العجوز التي أفنت عمرها بالبيت الأبيض وكان صوتها من الأصوات التي كانت تستنكر نزوات (دبليو بوش) في غزو أفغانستان والعراق، ولكن عندما آلمها ما يحل بغزة من مآس تهز الضمائر ألقت محاضرة تطالب فيها اليهود أن يتركوا فلسطين ويعودوا إلى البلاد التي جاؤوا منها فامتشقت في وجهها المدى تود لو تمزقها.
والمرأة الثانية هي إحدى الناشطات التي ألقت بنفسها أمام مجنزرة إسرائيلية بغاية منعها من هدم بيوت الفلسطينيين واقتلاع أشجار الزيتون فدهستها المجنزرة وعجنت لحمها بعظمها بوحشية لايكاد العقل يصدقها.
كما ذكرتني رواية مورافيا بشهداء قافلة الحرية، بالمآسي التي قامت بها تلك اللعنة المسماة «إسرائيل» التي صبها الغرب علينا منذ وعد بلفور.
ذكرتني بالوجوه المتعددة لطغاة العالم: هولاكو، والفرنجة (الحروب الصليبية) ونابليون، وهتلر، وموسوليني، ذكرتني أن الفاشية والنازية لاتزال مستمرة حتى الآن، ذكرتني أن «إسرائيل» الفاشية المتجددة ترسخت نقطة ضعف في لا شعور الغرب وخاصة رؤساء أميركا المتعاقبين (بلا استثناء) وأن كل ما ترتكبه من فظائع هي ضرورات (أمنية!) يقتضيها دفاعها عن النفس وحقها في أن تعيش بأمن وسلام، وأن كل ما يقوم به الغرب من محاربة الشعوب ومحاولة إذلالها سواء بالحصار الاقتصادي أم بالتلويح باستعمال القوة هو من أجل الحفاظ على الكيان الصهيوني.
سمع الطبيب ضجة في إحدى قاعات مستشفى المجانين وعندما دخل فوجىء أن جباه الجميع معفرة مدماة إلا واحداً منهم مد إصبعه إليه متهماً:
- ويلك ماذا فعلت بهم؟
- والله ياسيدي لم أفعل شيئاً إلا أنني رسمت لهم خطاً على الأرض وقلت لهم « من منكم يستطيع أن يمرّ من تحته؟
أما الذي رسم الخط فهو «إسرائيل» وحماتها، وأما الذين يحاولون المرور من تحته فما أسهل أن نعرفهم.
وذكرتني رواية مورافيا بالتعاون السري الوثيق بين الموساد ووكالة المخابرات الأميركية المركزية (CIA) في نشر الجواسيس والعملاء بين الشعوب في مناطق شتى من العالم ليعيثوا فيها فساداً بخلق الفتن الداخلية والصراعات الدموية.
ذكرتني بخلط الأوراق في هذا العالم المجنون (المجتمع الدولي) الذي فقد القدرة على التمييز وباع ضميره بخساً في هذه الدربكة وكيف أعمت عينيه وأصمت أذنيه الأطماع الاقتصادية.
anhijazi@gmail.com