تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فكرة لم ترَ النور

منطقة حرة
الثلاثاء 15-5-2012
مروان درّاج

دأبت وزارة السياحة خلال السنوات الأخيرة على إطلاق بعض المبادرات لتصويب السياسة السعرية في المنشآت السياحية بهدف حماية السياح والمواطنين العاديين من فنون الغش والتدليس ،

وفي كل مرة لا يكون حصاد هذا الإجراء أو تلك المبادرة سوى الإخفاق والفشل ، ولعلّ المبادرة الأخيرة التي تم الترويج لها منذ مطلع العام 2010 تمثلت في عنوان مفاده: «حدِّد فاتورتك بنفسك» والمقصود بهذه الكلمات المعدودة، أن وزارة السياحة كان يفترض بها السعي من خلال موقعها الإلكتروني إلى تخصيص صفحات تمكِّن كل من يرغب بمعرفة مكان كل قرش وليرة أو دولار سوف ينفقه خلال التوجه إلى المطاعم والفنادق والمقاهي نتيجة الاطلاع مسبقاً على الأسعار التي يجري استيفاؤها ، بحيث يمكِّن هذا النهر المتدفق من المعلومات، من الوقوف مطولاً على هذه المعلومات واختيار الأنسب، سواء من حيث التصنيفات التي تنتمي لها المطاعم والفنادق والمقاهي أو حتى أثمان الأطعمة والمشروبات، وأيضاً أسعار تذاكر الطيران وأجور التنقل الداخلية، وسواها من المعلومات .. والسؤال بعد انقضاء ما يزيد على العام ونصف على التجربة..أين وصلت وما هو الحصاد؟‏

الخدمة التي جرى الترويج لها بكثير من الحماسة وبقليل من الجهد والعمل، لا يمكن وصفها إلا بأنها مثالية أو «أفلاطونية» قياساً بما تسعى له من أهداف، غير أنها وفي سوق يغص بفوضى الأسعار والتجاوزات والقصور لجهة الوعي في صناعة السياحة، فقد تعذر تحقيق نتائج تذكر، أو الوصول إلى تكريس مشخص لهذه الرغبة المشروعة.. ومن يتوجه اليوم إلى أصغر وأكبر منشأة سياحية في أنحاء مختلفة من المحافظات، سيجد أن القائمين عليها لم يسمعوا أساساً بالفكرة، وفي حال الإتيان على ذكرها وشرح معانيها وما ترمي إليه من أهداف، فهي تأكيد ستواجه بكثير من السخرية المشوبة بالضحك لأكثر من اعتبار وسبب.‏

ما يدفع إلى إطلاق هذه التوصيفات وتسجيل رزمة ملاحظات على هذه الفكرة «الطوباوية» مجموعة من العوامل، أبرزها:.. قبل نحو سبع سنوات وعلى هامش تنظيم مهرجان التسوق السياحي الذي كانت ترعاه الوزارة مع قدوم كل فصل صيف، كانت الوزارة ومن خلال المعنيين فيها عن مهام الترويج السياحي، تطلق مبادرات تشير من خلالها وبوساطة المنابر الإعلامية، الى أنها تمكنت من صوغ إجراء يمكِّن السياح من الحصول على حسومات مغرية في الفنادق تصل إلى حدود (50) بالمائة وذات الأمر ينسحب على تذاكر شركة الطيران السورية، ومثل هذا الإجراء كان يلقى ردود فعل إيجابية وينظر له بكثير من الإعجاب، لكن على ما يبدو أن الرغبة شيء وإمكانية ترجمتها على أرض الواقع شيء آخر مغاير تماماً.‏

بعض الاجتهادات التي صدرت من هنا وهناك، أشارت أن السياحة المحلية قد لا تستفيد من هذه الخدمة إلا بنسبة ضعيفة أو ضئيلة جداً، لأنّه ببساطة خدمة «الإنترنت» ورغم اتساع مساحتها نسبياً خلال السنوات الأخيرة، الذين يستخدمون الحاسوب في سورية وفقاً للأرقام الرسمية لا تزيد على (2) بالمائة في أحسن الأحوال، وأمّا السياح العرب والأجانب، فإن هؤلاء سوف ينظرون إلى الفكرة بعين السخرية، لأنّ آليات التعاطي مع المنشآت السياحية في كل بلدان العالم ليست على هذا النحو أبداً، وإنما تقوم على مبدأ الثقة والمنافسة، وما نقصده في هذا الكلام، أن الأولوية في الوقت الحاضر هو السعي لتقديم المزيد من التسهيلات لتشجيع الاستثمار في قطاع السياحة، لأنّ ما هو قائم من شروط وظروف يشجع على غياب المنافسة ويدفع أصحاب المنشآت الذين يحتكرون السوق على استثمار هذه الشروط «الظروف» كونها تشكل فرصة لحصد وكسب ثروات لا يحلمون بها حتى في البلدان الأكثر ثراء.. وحين نشجع على ضرورة التخلص من الاحتكار، فإن ما نعنيه تقديم مزايا جديدة من شأنها جذب المستثمرين وتشجيعهم على إحداث المزيد من المطاعم والفنادق، ففي كل دول العالم تتبارى المطاعم والفنادق لتقديم أسعار تقل في كثير من الأحيان عن حسابات السياح أنفسهم، ولعل السر الوحيد الذي يدفع شريحة واسعة من السوريين الى التوجه نحو تركيا وتونس وحتى إلى أوروبا، هو أن كلفة السياحة في هذه البلدان ما زالت أقل بكثير مما لو أراد السائح السوري التوجه إلى أي بقعة جاذبة للسياح داخل وطنه , وسنبقى نكرر, العبرة دائما وأبدا في تكريس المنافسة وهدم جدران الاحتكار .‏

marwandj@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

  مروان دراج
مروان دراج

القراءات: 989
القراءات: 946
القراءات: 962
القراءات: 931
القراءات: 865
القراءات: 950
القراءات: 1164
القراءات: 930
القراءات: 952
القراءات: 1062
القراءات: 870
القراءات: 930
القراءات: 920
القراءات: 984
القراءات: 1072
القراءات: 1546
القراءات: 1008
القراءات: 926
القراءات: 1032
القراءات: 1018
القراءات: 1102
القراءات: 1072
القراءات: 1128
القراءات: 1200
القراءات: 1092

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية