لمنع الثورة من النجاح؛ ولمنع سقوط نظام حليف لها كان يمدها بكل أسباب القوة في المنطقة؛ وعلى تخوم خصمها الدولي «السوفييتي» آنذاك.
اليوم تحتفل إيران بأيام عشرة الفجر - من 1 إلى 10 شباط - وتحيي باعتزاز وعلى نحو واسع ذكرى الانتصارات التي حققتها الثورة، فهل يستذكر الإيرانيون بهذه المناسبة قائد ثورتهم ورجالاتها وأحداثها فقط؟ أم أنهم يستلهمون منها؛ ويتقدمون يوماً بعد آخر خطوات على الطريق ذاته؟.
بعيداً عن السياسة، وبعيداً عن الأيديولوجيا، وبعيداً عن العاطفة والانفعالات بالاتجاهين، وبتجرد تام يمكن لأصدقاء إيران؛ ولأعدائها؛ أن يكتشفوا الإجابة التي لا شك ستكون مدهشة للبعض؛ وصادمة للبعض الآخر؛ بمجرد الإطلاع على الأرقام التي تحققت؛ وعلى ترتيب المكانة التي باتت تحتلها إيران حيث هي اليوم في صف الدول الأُوَل على مستوى العالم في جميع المجالات العلمية والتقنية.
دعكم من الهراء الذي يعلكه الصهاينة والأعراب، ودعكم من حملات التضليل الغربية ضد إيران، وحسبكم أن تجدوا الحقيقة كل الحقيقة في جنون نتنياهو هذه الأيام وفي اضطرار أوباما للإعلان عن خلافاتهما حول تصميم مجموعة « 5 + 1 « وطهران على إنضاج وإنجاز اتفاق نووي خلال الأسابيع القليلة القادمة يرضي جميع الأطراف.
قد لا يعترض الغرب وأميركا على هراء الأعراب؛ ولا على ضجيج نتنياهو؛ وقد يُحرض الغرب وأميركا الأعراب والصهاينة على إظهار المزيد لتحسين شروط التفاوض، لكن الغرب وأميركا يعرفان تماماً لماذا يفاوضان إيران، وهما كطرف واحد يدركان أن طهران لا تقيم وزناً لهراء الأعراب ولا لضجيج الصهاينة ولا لأي فرقة كومبارس أخرى، وربما لدى الغرب وأميركا يقين بأن طهران تزداد ثقة وقوة مع مرور الوقت، وبأن ما يمكن الاتفاق عليه معها اليوم؛ قد يكون الحصول عليه في الغد أمراً صعباً وأكثر تعقيداً.
في كل جولة تفاوض يضع الغرب وأميركا أمامهما المؤشرات الرقمية التي حققتها إيران في ثلاثين سنة رغم الحرب والحصار والعقوبات، وهما إذ يتلمسان حقيقة أنها تحتل المركز الأول عالمياً في مجال الإنتاج العلمي المنشور؛ مسجلة بذلك رقماً قياسياً غير مسبوق في هذا المجال ( بالمناسبة فإن الإنتاج العلمي الإيراني يتضاعف كل ثلاث سنوات، ومعدل النمو فيه يصل إلى 11 ضعفاً للمعدل العالمي )، فإنهما يدركان صعوبة المهمة والموقف في المستقبل الذي تؤسس له الجمهورية الإسلامية باقتدار.
معلومٌ أن الغرب وأميركا كطرف دولي استعماري يسعى للهيمنة على العالم؛ لا يتحاور إلا مع القوي؛ ومسلمٌ به أنه لا يتفاوض مع خصومه إلا عندما يشعر بالعجز عن إخضاعهم، وحاله مع إيران تكاد لا تخرج عن هذه القاعدة، فهل يفهم الأعراب شيئاً عن هذه المعادلات التي هم خارجها بحكم تبعيتهم وجاهليتهم؟ وهل يتعرف الصهاينة إلى حدود جديدة لا يمكنهم تخطيها؛ ولا يمكن للغرب وأميركا من خلفهم تجاوزها؟.
إيران في الساحة الدولية ليست خزان نفط وغاز كما هو حال البعض في المنطقة؛ وليست ملفاً نووياً مفتوحاً إلى ما لا نهاية، إيران دولة باتت في صف الدول الأُوَل عالمياً؛ وهي قوة علمية عسكرية اقتصادية مؤثرة؛ وهي رقم سياسي دولي فاعل؛ وهي خط ثوري لا ينحرف؛ وهي نصير لفلسطين لا يهادن؛ وهي ظهير لقضايا العرب والمسلمين لا يلين؛ وقبل هذا وذاك هي دولة راسخة لها مشروعها التنموي العاقل؛ ولها طموحها الإعماري والحضاري الحكيم؛ ولديها من الصلابة ما يجعلها ثابتة على المبدأ وعصية على الأخذ والتهديد.