والشركات المعنية هنا لم تعد تحمل نفسها مشقة الحضور إلى سورية والتواجد في مختلف مناسباتها الاقتصادية والتجارية لأنها وجدت البديل فيما يعرفه متابعو الاقتصاد بالوكلاء الحصريين واعتمادهم لتمثيلها بمختلف الفرص الممكنة والمتاحة, وهذه الصورة تشكلت بوضوح من خلال ما شاهدناه في أجنحة الدول المشاركة في معرض دمشق الدولي بدورته الثالثة والخمسين التي انتهت منذ يومين تحديدا حيث تواجد الوكيل السوري بشكل واضح في هذه الاجنحة مع تمثيل للملحقيات التجارية الممثلة لهذه الدول وصرنا أمام حالة تستدعي الاهتمام لا يمكننا الحديث عنها بأنها تحول نحو الأفضل إذا ما قارناها بدورات سابقة حيث كان الحضور المباشر للشركات التي يبدو أنها نجحت في نقل اهتماماتها باتجاه التمثيل التجاري لها باعتماد وكلاء سوريين لها, اختارتهم من الأسماء المعروفة في عالم التجارة والاقتصاد والأعمال كانوا في وقت مضى يعملون باجتهاد للحضور في أسواقنا.
وحضور الوكلاء التجاريين هذا العام جعلنا نؤكد أن الأسواق السورية انتقلت إلى معرض دمشق والشركات حضرت بحضور هؤلاء, فهل تحول الأمر إلى ما يشبه الأحجية, وما مدى استفادة المواطن السوري من هذه الخطوة.. وهل يمكن الاطمئنان لحضور الوكيل التجاري في غياب الأصل?.
ملاحظة ثانية تقفز إلى الذهن ونحن نستمع إلى ما قاله سفراء الدول المشاركة التي شملتها جولة السيد رئيس الحكومة إلى المعرض عندما أعربوا عن ثقتهم بالعلاقات الاقتصادية بين سورية وبلدانهم, وتحدثوا عن رغبات مهمة في دلالاتها على خطوات مستقبلية تعزز هذه العلاقات وتفتح المجال أمام التبادل التجاري الأوسع الذي يحقق مصلحة الطرفين لكن كلاماً سمعناه من سفير تركيا بدمشق عن الميزان التجاري بين الدولتين الذي كان في صالح سورية ثم تحول مؤخرا لصالح تركيا وسط إصرار من السفير المذكور على أن يكون هذا الميزان متوازناً لأن في الأفق الكثير من الآمال والخطوات التي تعزز هذه الأمنية.
ونحن بالمقابل علينا أن نطرح سؤالاً مشروعاً رغم احترامنا لما قاله السفير التركي وهو لماذا تغيرت مؤشرات الميزان التجاري لصالح هذا البلد الصديق, ولماذا توجه اقتصادنا إلى الاستيراد من تركيا على حساب الصادرات التي يطلبها الأصدقاء ويصرون عليها?! على الرغم من وجود الكثير من المنتجات السورية التي يطلبونها.. فهل عرفنا الوسيلة أم تحولنا إلى مستهلكين دون أن ندري أكثر من تحول اقتصادنا باتجاه الانتاج والتصدير.