اتصل الأمر بالرؤى العامة أو بترتيب الأولويات والتفاصيل التي تنطوي عليها.
فمما يسجل للقاء التشاوري أنه تمكن فعلاً من النجاح في التأسيس لمؤتمر الحوار الوطني المرتقب على قاعدة أن الوطن يتسع للجميع ، وأن كل المشكلات والقضايا المطروحة ستجد حلولاً تحت سقف الوطن لطالما حسنت النوايا وتوفرت ارادة الحوار.
ولاشك أن توصيات اللقاء التي وضعت رؤية واضحة للمرحلة المقبلة والتي عبرت عن إرادة المجتمعين بالإصلاح والبناء على ماتم إنجازه ، هي بحد ذاتها نجاح وخطوة متقدمة على طريق النهوض بسورية الديمقراطية الحرة المستقلة على الدوام التي رفضت وترفض التدخل في شؤونها أو المس بكرامتها وسيادتها، لكن ماذا عن الاستقرار؟!
يكاد لايختلف اثنان على أن العلاقة بين الحوار والاستقرار هي علاقة وثيقة ، ذلك أنه اذا ماأريد للحوار أن يثمر لابد من أن يجري وسط حالة من الاستقرار، وعليه فإذا كانت توصيات اللقاء التشاوري لم تأت على ذكر المقيمين في كنف أصحاب مشاريع الاستهداف الخارجي والذين يستجدون التدخل الأجنبي ليل نهار عبر منابر سياسية وإعلامية معادية ، فإن النأي عنهم والتعبير الواضح عن ادانة طروحاتهم هو فعل ينتظر من الجميع أن يبادر إلى تسجيله انطلاقاً من واجب مقاومة محاولات النيل من السيادة الوطنية وماتنطوي عليه هذه المحاولات من الاضرار بهيبة الدولة وضرب استقرارها.
قد تكون المعارضة الوطنية أحزاباً وشخصيات قد عبرت عن موقفها الرافض لمحاولات التدخل الخارجي، غير أن تظهير موقفها من المتورطين بمشاريع الاستهداف ومن الذين يمارسون فعل التحريض الطائفي والمذهبي يبدو ضرورة وطنية من شأنها أن تسهم بمزيد من وضوح المشهد فضلاً عن عزل وتعرية هؤلاء ، وهو ماسيسهم بالضرورة في رفع الغطاء عن المخربين والمسلحين.
واذا كان تم الاجماع على أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة ، فإن حالة الاستقرار تمثل ضرورة وطنية وشرطاً لازماً لتحقيق أهداف الحوار، وهي بالتأكيد الضمانة للمضي بالاصلاحات التي لايمكن تحقيقها وتعميقها وسط استمرار محاولات بث الفوضى وزرع الفتنة وتجييش الشارع.