وامتداداً إلى إمكانية التعايش الخلاق مع جميع شعوب المعمورة ، والتأثير في ثقافاتها والتأثر بها بصورة إيجابية تبرز الجوانب المشرقة في كل واحدة منها.
فسورية هي الصباحات الفيروزية باعثة النشاط في جميع أوصال الحياة ، وهي الأسواق العامرة بما يسلب ألباب الزائرين ، وهي المطبخ الكوني الذي يذهل من تذوق طعمه ذات عبور في دمشق أو حلب أو غيرها من مدن وقرى البلد العالم ، وهي الابتسامات المرسومة علىكل وجه يطالع وجها غريباً يجتاز شوارع دمشق القديمة أو سواها من أحياء أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ وهي التجاوب الإنساني مع كل محتاج يظن نفسه غريباً للحظات قصيرة ، ما يلبث بعدها أن يكتشف أنه ما زال بين أهله وذويه ولم يغادر دياره إلا إلى وطنه المؤكد ،وهي الكرامات العزيزة المؤمنة بأنها على استعداد لتقديم العون والمساعدة دون أن تطلب جزاء أو شكراً ، وهي التسامح العامر المترسخ في وجدان كل من شم عبق الياسمين وفوح الأقحوان .
فسورية التي ابتليت بمحنة غير مسبوقة ولم تحذر حدوثها ، قادرة على تجاوزها بما تمتلك من مقومات وقوى كامنة تنتظر لحظة إطلاقها بصورتها الحقيقية ،فالاحتجاجات وتداخلاتها أفرزت كوامن سلبية نظراً لاختلاط المفاهيم وضياع بوصلة الرؤية في تحديد ما يجري على الأرض ، وقد أسهم في ضياعها الكثير من الأخطاء الإدارية والممارسات الخاطئة وتوسع دائرة الفساد في أكثر من مرفق حكومي الأمر الذي اتكأ عليه أصحاب المخطط الخارجي في سعيهم لتضليل الكثير من أصحاب النوايا الطيبة والنفوس الصافية .
والبارز في الواقع الامتداد والظهور الكبير لأصحاب السوابق الذين وجدوا الساحة مفتوحة أمامهم ليمارسوا أنشطتهم المخالفة للقانون قتلاً وتمثيلاً وتخريباً ، لكنهم يبقون مجموعة خارج إطار أصحاب المطالب المحقة، وأصحاب المشاريع الإصلاحية المعارضة ، الأمر الذي يستدعي رؤية منطقية وأخلاقية لحقيقة ما يجري والأهداف البعيدة لحملات التضليل الإعلامي المرتبطة بمخططات عالية واستعمارية.
وما أفعال الحكومة وردودها إلا برهان للرؤية الواضحة لها ، والمتمثلة في الإجراءات الإصلاحية الحقيقية الرامية إلى بناء سورية جديدة عمادها القانون تضمن مشاركة سياسية تعددية وتحفظ حقوق الجميع.