| طاش الحجر رؤيـة وكانت إجابتي واضحة إنها روائية رديئة، ورد سائلي على الفور: لكنها جميلة، اسرد هذه القصة «المجراوية» للتدليل على بعض ما يجري في الإعلام العربي من ترويج للكتب الرديئة، ولا يتسع المجال هنا لعرض مواصفات الجودة والرداءة، وحس القراءة المتأنية فرز الغث من السمين. والطريف والمؤلم في آن معاً أن الكتب الرديئة جعلت النتاج الجيد أشبه باللؤلؤة التي تحتاج إلى الاكتشاف أكثر من حاجتها إلى الترويج، في الوقت الذي يتسيد فيه أصحاب الكتب الضحلة العناوين الثقافية، لأنهم يمتلكون من آليات الترويج والتسويق ما يجعل بضاعتهم تبدو وكأنها كنوز العصر، ولاسيما إذا كانوا من الجنس اللطيف الذي يكوي تجعداته بمكواة الفوتوشوب، فيتغلبن بصورهن المعالجة على حصافة ورجاحة عقول القيمين على قطاعات الثقافة في وسائل الإعلام المختلفة، لتبدأ بعد أن طاش الحجر، ماكينة البروبغندا في تكريس من لا يمتلكون إلا موهبة الترويج، على حساب كتّاب وكتب أخرى عيب أصحابها أنهم لايتقنون فنون إغواء العصر، ولا ينضوون تحت شلة يترأسها ناقد همام. والنقاد يدفعون باتجاه تكريس هذا الجدري على وجه الثقافة، فمعظمهم يمارسون التعسف والاستبداد ضد الكتب التي يشق أصحابها عصا الطاعة على أولئك النقاد، فكل خارج عن الشلة مصير نتاجه الظلمة والظلام، وتحالفت بعض دور النشر مع تلك الشللية فأصبحت تتعهد بالطباعة والترويج والكتابات النقدية وفوقها حبة مسك، إنها تتكفل أيضاً بنشر النقد في الصحف والحجم حسب الطلب. انحرف النقد عن سكته التاريخية في تحليل وإظهار مكامن الجمال والقبح في العمل، وانحسر دوره، إجمالاً، عن كونه رافداً للتواصل بين الكتاب وقرائه واختلطت الأدوار، عوضاً عن تكاملها، فالنقد الذي كان حتى وقت قريب تعليق على تعليق أو لغة ثانية كف عن هذه الصفات وأصبح تعليقاً ولغة واحدة مفرداتها (إن الثقافة تحالفات وأحلاف).
|
|