منذ بدأ الغرب وأميركا العبث في الساحة الأوكرانية؛ ومنذ تجرأت واشنطن والعواصم الأوروبية على مخاطبة موسكو بلهجة سياسية استعلائية؛ كان واضحاً أنّ في جعبة الغرب وأميركا مخططات عدوانية لا تستهدف أوكرانيا وايران وبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقط؛ بل تجتاز كل الحدود باتجاه الشرق.
فليس صحيحاً أنّ المسؤولين الأميركيين والغربيين يجهلون قوّة وقيمة روسيا السياسية والاقتصادية والعسكرية، وليس صحيحاً أنهم لا يدركون أنّ مخاطبة موسكو بلغة العقوبات ستبقى بلا رد روسي قاس ربما، فهم يعرفون ويدركون، بل ان الردود الروسية المحسوبة والناضجة ربما تكون استفزت ائتلاف الغرب وأميركا - المندفع لممارسة العدوان بدون استفزازات - لاتخاذ سلسلة عقوبات جديدة والتهديد بأخرى؛ والذّهاب لما هو أبعد لجهة التهديد بتشكيل قوة أطلسية لمواجهة ما سمي بالتدخل الروسي في أوكرانيا.
لهجة التصعيد الغربي تجاه روسيا يجب أن تتوقف، ولغة التهديد والامهال الغربية المتهورة ينبغي التخلي عنها فوراً، وانّ على ائتلاف الغرب وأميركا أن يعيد حساباته لأنّ المُخاطب هنا هو روسيا الدولة العظمى؛ والعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي؛ والشريك الفاعل في حماية السّلم والأمن الدوليين؛ وليس بلداً افريقياً خارجاً لتوه من حرب أهلية أنهكته.
وفي المبدأ لا يجوز لهذا الغرب المتعجرف والتابع لأميركا أن يتنطح ويستعلي في الظروف الطبيعية وفي أوقات الاستقرار والازدهار؛ فما باله يفعل ذلك وهو يغوص في سلسلة أزمات مالية واقتصادية وأمنية بسبب تبنيه سياسات الولايات المتحدة؛ وبسبب التحاقه بها وهي التي قادته الى أغلبية أزماته الحالية؟.
روسيا الناهضة والعائدة بقوة الى المسرح الدولي تضطلع اليوم بمهام ومسؤوليات دولية جليلة، تحاول احياء المبادىء؛ والمحافظة على الشرعية؛ وفرض احترام سيادة الدول ووضع حدود لمحاولات القرصنة والانتهاك والاختراق.
روسيا هذه تسعى بالتوازي مع ما تقدّم الى محاربة الارهاب بكل أشكاله سواء ذلك الذي ترعاه أميركا والغرب مباشرة، أو ذلك التكفيري الذي ينمو في الشرق والغرب بتشجيع من الغرب وأميركا؛ وهي اذ تُمدّ اليد وتدعو الغرب والشرق للتعاون؛ فذلك لأنها قوية ورائدة ومصممة، وعلى الغرب أن يلتحق بها ويستجيب؛ لا أن يكابر ويستكبر وهو على وشك أن يكتوي بنار الارهاب الذي سمّنه في ليبيا وسورية والعراق، وما لم يفعل ذلك فان عليه أن يصغي للصوت الروسي - الصيني - الايراني - السوري المشرقي الأصيل والمقاوم، وعليه أن يتوقع ردوداً أقل ما فيها أنها ستضعه أمام لحظة الحقيقة المُرّة التي تُشعره بغروره وعجزه!!.
ali.na_66@yahoo.com