تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لك الله يا وطني

معاً على الطريق
الإثنين 1-9-2014
أنيسة عبود

(شو السبب)؟

بمجرد أن يصبح المرء مسؤولا .. أو يتسلم إدارة أو منصبا عاما، يغير - هذا المرء - رقمه ..أو يحجبه أو يظل ّ خارج التغطية باستمرار؟‏

هي التغطية سيئة، سيئة..وفي كافة المجالات. ولكن هواتف المسؤولين دائما خارج التغطية ..غير أني ألاحظ أن هناك عادة مكتسبة عند معظمهم بحيث إن رقم المسؤول غير متاح حتى لأصدقائه أو أقربائه ..وإذا أراد أحد أن يبارك له بالكرسي الجديد فلن يجد له رقما ولا طريقا ويصبح من الشخصيات المفترضة التي نتحدث عنها في عالم الخيال ..ولكن قد نجده على صفحات التواصل الاجتماعي وسيكون كريما إذا قرأ أو رد على كلام الناس الذي يرمونه به وقد تصيب كلمة أو تخطئ أخرى.‏

غير أن اللافت ٌهو أن هذا المسؤول كان سابقا مواطنا عاديا يقف على باب الفرن ويتبادل التحية مع الجيران ويشكو الغلاء وضيق الحال ويثرثر على المدعومين والرجال المسؤولين وينتقد الانتهازيين ويسأل كما يسأل كل الشرفاء (من أين لك هذا ؟) ويغمز من عبارة (هذا من فضل ربي الذي يضعها أحد لصوص القطاع العام على باب بيته) ..وفي حالات كثيرة كان يدعو الأصدقاء لتناول القهوة على مصطبة بيته التي ستصير بعد فترة (ترّاسا ضخما) وعلى مدخلها حارس من أبناء الحارة الفقراء الذي لن يسمح لأحد بالدخول دون موعد لأن (الأستاذ ..الذي سيصبح دكتورا بعد فترة قليلة ..) يرتاح ولا يريد أن يزعجه أحد ..وهل تعرفون من هذا الأحد ؟ هو المواطن الذي جعله مسؤولا وهو الذي أعطاه الكرسي ومن خلف الكرسي ..هذا الكرسي السحري الذي سيؤمن له الانتقال من الحارة إلى الحي الراقي ..وهو الذي سيتيح لزوجته السفر خارج القطر للاستجمام. ويعطيه ميزة التنعم بمنتجعات القطاع العام ..وبعد ذلك سيعرف بكل المناقصات والمزايدات في البلد .. وسيشم رائحة الجمعيات السكنية العامة والخاصة وسيصله خبر كل الصفقات التجارية الخارجية والداخلية ..هذا بالإضافة لما يجود به بعض المرتزقة وبعض (المحافظين) والكثير من المواطنين الذين لا تتيسر أعمالهم إلا إذا عملوا وصلة لأيديهم وآذانهم وأرسلوا ما فيه النصيب ..وإلا فما هو راتب المسؤول؟ وكيف يستطيع أن يعلم أولاده في الجامعات الأميركية ؟ ولماذا يصير له الحق في كل شيء حتى في إقفال خطه وبابه ومشاعره وضميره ؟ وبالتالي تصبح مقابلة هارون الرشيد أكثر سهولة من مقابلته..وكلنا يعرف حكايات مؤلمة عن مواطنين مقهورين انتظروا أسابيع على باب وزير أو أمير ثم عادوا بخفي حنين ..وخفا حنين كثيرة هذه الأيام والوعود كثيرة والآمال كثيرة ولكن ؟ ...‏

ولكن ..حتى لا يفهمني القارئ الغالي خطأ ويظن أني أتحدث عن مسؤولي البلد ..فأنا لا أعرف مسؤولا في البلد هكذا ..على العكس .الأبواب مفتوحة والهواتف مفتوحة والشكاوى تصل لأصحابها والحقوق تصل لأصحابها أيضا وخاصة أننا في حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس، وتقضي على حضارة عمرها آلاف السنين وتزور تاريخا كان ناصعا ومفخرة للعرب أجمعين ..ولكن أنا أتحدث عن أحد البلدان النامية وسورية ليست بلدا ناميا وقريتي لم يصبح أحد فيها وزيرا ولا أميرا وحتى حارتي أيضا لذلك أريحوا خيالاتكم أرجوكم ..لأن البلد فيها الصالح والطالح ..وفيها مسوؤلون مخلصون وشرفاء وأنا أحيي الكثيرين منهم لأنهم وقفوا مع أنفسهم أولا ومن يقف مع نفسه يقف مع وطنه وشعبه وأسرته لأن (حب الوطن قتال) هذا الحب الذي ندفع ثمنه غاليا..فهل من شعب عبر التاريخ عانى ما عاناه السوريون في هذه الأزمة ؟ وهل من شعب باع وطنه كما باعه بعض السوريين؟ وبالمقابل، هل من شعب ناضل وصبر وثبت وقدم القرابين البشرية كما قدم السوريون ؟ ..وإذا أقول ذلك يتقطع قلبي على أهلنا في الرقة وعلى عشائرها وعلى الأهل في دير الزور ودرعا وكل المحافظات السورية التي تنام على الذبح وتفيق على الذبح ..لك الله يا وطني ولك الشرفاء والمجد .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 609
القراءات: 694
القراءات: 661
القراءات: 617
القراءات: 638
القراءات: 584
القراءات: 599
القراءات: 805
القراءات: 853
القراءات: 689
القراءات: 668
القراءات: 679
القراءات: 689
القراءات: 781
القراءات: 681
القراءات: 681
القراءات: 664
القراءات: 752
القراءات: 670
القراءات: 815
القراءات: 672
القراءات: 723
القراءات: 815
القراءات: 886
القراءات: 688

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية