الذي أطل مؤخرا بتصريحات تشخّص أسباب عزوف الناس عن ارتياد المسارح, يجد ان أسباب تراجع الحركة المسرحية في سورية, تعود في أصولها إلى ابتعاد العروض المقدمة، وتحديدا في السنوات العشر الماضية، عن هموم ومشكلات المشاهد المحلي.
إذا أردنا أن نقيس، أن النص «الفوقي» المستورد أو المحلي, هو نص مرفوض، أوعلى اقل تقدير غير مرحب به من الجمهور, في حال كانت لغته تفتقد الى مخاطبة الداخل واهتماماته وانشغالاته, لوجدنا ان الأمر ينطبق على مجمل الإنتاج الثقافي المحلي الذي لايلقى ترحيبا وتفاعلا جماهيريا الا باستثناءات قليلة جدا، بدءاً من الرواية وانتهاء بالقصيد.
قبل عامين نشر استطلاع محلي، عن أكثر الكتب مبيعاً في سورية, أجرته إحدى المجلات وكانت نتيجته ان «نسيان كوم» لأحلام مستغانمي تصدر المرتبة الأولى, ليأتي الروائي المصري يوسف زيدان ثانيا في روايته «عزازيل» وبعدها جاءت كتب لرجال دين.
الاقتراب من هموم الجمهور ومعاناته لاينحصر بحال من الأحوال في ان يكون الكاتب أو «المعالج» من ذات البيئة الجغرافية الضيقة، فما اكثرالانساني المشترك الذي يجمع البشر على اختلاف لغاتهم وثقافاتهم، وروايات مارغيز واشعار نيرودا ادلة.
بيت القصيد ان رواياتنا ومسارحنا وسينمانا، وحتى إعلامنا في كثير منه, يتراجعون عن تأسيس إمبراطوريات جماهيرية لهم, لأنهم بعيدون عن مشاغلنا, وهم إما يخاطبوننا من فوق, وإما يجهّلوننا فيخاطبوننا من تحت.