وبغض النظر عن فحوى ومستوى النقاش في هذه اللقاءات، الا انها في الاجمال تشكل ظاهرة ايجابية كونها تشكل فرصة ومساحة للحوار غير الرسمي بين أبناء الوطن لا بد أن تساعد على تكوين فهم أفضل لما يجري في البلاد، ومقاربة التصورات بشأن سبل الخروج من الوضع الراهن على أساس المصالح العليا للوطن.
وهذا الحراك الذي عادة ما تدعو اليه نقابات او جهات اعتبارية، بات من المطلوب ان تنخرط فيه على نحو أوسع الاحزاب السياسية القائمة بالفعل، أو تلك التي تتبلور اليوم من خلال بعض الناشطين والمثقفين، ذلك أن تنشيط هذا الحوار الوطني الداخلي، من شأنه المساعدة في تظهير الاختلافات وطرح الاسئلة ومقاطعة عناصر القلق وكل الهواجس الظاهرة والخفية وصولا الى بلورة وعي وطني جديد، يشكل في النتيجة مساهمة هامة ليس في عملية التوصيف والتشخيص، وهي مسألة ضرورية، بل أيضا في المساعدة على تلمس الحلول وتهيئة الأرضية لانطلاق الحوار الوطني بصيغه السياسية التي يجري الحديث عنها، ما يعني تقديم مساهمة مجتمعية أوسع في هذه العملية وإحاطتها بعوامل التفهم والتشجيع.
ومثل هذا الحوار الذي لا يخفى انه كان محجوبا في مراحل سابقة،من شأنه أيضا إدخال مزيد من المدنية والعقلنة لعملية التغيير التي تشهدها سورية حاليا، بما قد يسهم في التأثير على حراك من نوع آخر تشهده الشوارع والساحات، باتجاه تقليصه وجره إلى ساحات جديدة هي الأصل في التفاهم بين أبناء الشعب الواحد، وبما ينهي حالة الفوضى التي يمارسها البعض، وصولا إلى إعادة تقديم الجميع كمواطنين متساوين يعيشون في بلد واحد لهم جميعا ذات الحقوق والواجبات.