ولا يمكن لك أن تحصد ثمار الحداثة والحداثوية التي شغلونا بها، أقصد أن تحصد إبداعاً حقيقياً ممن ينظرون في هذا الإطار.
ولعلني الآن أشعر كم كان عبد الوهاب المسيري صاحب رؤية، حين سمى ما يشهده الأدب العربي من فورات هي انعكاس لطفرات غربية، وأطلق على ذلك الحداثة السائلة، أي لا جذور ولا شكل ولا لون ولا طعم..
وهل من الصعب ربط مايجري على الأرض بنتائج هذه الحداثة السائلة..؟!
الفوضى الفكرية والثقافية والوهم الذي جعل الكثيرين يظنون أنهم مبدعون تتجاوز شهرتهم أوطانهم، لا بل إنهم حالات تحول في الثقافة والابداع هذه الحالة إحدى أسباب نتائج ما نراه... خواء ما بعده خواء..
فلا تراث ابداعياً انطلقوا منه، ولاقدرة ذاتية تعوض عما يمكن أن نسميه ذخيرة ثقافية.. فهل سمعتم بمبدع في العالم لاجذور لديه إلا عندنا..؟! هل قرأتم عن أديب بريطاني لم يقرأ عظماء الأدب في بلاده أو مبدع روسي أو فرنسي أو.. فعل ذلك.. وحدنا لدينا مبدعون ولدوا عظماء قبل أن يكتبوا حرفاً واحداً ولدينا وحدنا، حداثة لا تعرف من أين أتت وإلى أين تمضي... وحدنا يولد مبدعونا من الخلايا الجذعية أو الاستنساخ، ولذلك وحدنا ليس لدى هؤلاء بصمة إبداعية حقيقية..؟!
أتمنى أن يدلني أحد ما على شيء من هذا القبيل.. أو أن يشرح لنا أسباب غياب بصمة مبدعينا الحداثيين ادعاء وما أكثرهم..؟!
أظن أن الاعلام اليومي مقروءاً مسموعاً، مرئياً، ومعه اتحاد الكتاب العرب ومنابر مراكزنا الثقافية كلها ساهمت بهذه الحال التي لا تسر أحداً..
الحداثة السائلة خواء بخواء، وتخريب بتخريب ونتائجها تبدو واضحة جلية في جوانب حياتنا كلها.. فالابداع الحقيقي أينما كان هو الحداثة بذاتها، وكلمة (ابداع) في اشتقاقها ليست إلا الشيء الجديد غير المألوف، وحتى نرى حداثة وابداعاً حقيقياً علينا أن نحصد هواء الحداثة السائلة ونعيش أوهامها..
dhasan09@gmail.com