| الأبعاد السياسية والاجتماعية لأزمة الدين العام في أميركا إضاءات والحال إن الولايات المتحدة الأميركية التي يطلق عليها البعض امبراطورية العم سام في إشارة لمساعدات قدمت أثناء حروبها في الهند الصينية تعيش أزمة مالية خانقة أطلق عليها معركة الدين العام الخارجي وهي تتمثل في ترتب دين مستحق الدفع على الولايات المتحدة الأميركية تقدر قيمته بـ 14,4تريليون دولار وهو يوازي مجموع ناتجها القومي السنوي ويتوقع المحللون الاقتصاديون أن يصل إلى نحو 22 تريليون دولار عام 2016 والمشكلة تتمثل بأن هذا الرقم يمثل السقف المسموح بحيث إن الإدارة الأميركية بحاجة لأخذ موافقة الكونغرس الأميركي بمجلسيه لكي تستمر بالاستدانة لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها في موعد اقصاه الثاني من آب الحالي وفي حال لم تقم الولايات المتحدة بسداد ما يترتب من ديون مستحقة عليها في ذلك التاريخ فإن ذلك سيؤدي إلى تخفيض تصنيفها الائتماني الخالي من المخاطر. والقضية تحولت إلى سجال بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لاستثمارها سياسيا لتكون الورقة الأهم في الانتخابات الرئاسية القادمة التي تبدأ ارهاصاتها الاولى في الخريف القادم وثمة مقاربتان اثنتان تبنى كل واحدة منهما أحد الحزبين تعكس إلى حد ما رؤيته السياسية ونمط تفكيره الاقتصادي والاجتماعي فالحزب الديمقراطي الحاكم يرى الحل في إلغاء الاعفاءات الضريبية التي منحت للأغنياء في عهد الرئيس جورج بوش الابن بما يسمح برفع سقف الدين مع توفير مبلغ خمسمئة مليار دولار من الانفاق بحيث يصبح المبلغ خلال السنوات العشر القادمة 3.7 تريليون دولار بينما يرى زعماء الحزب الجمهوري أن الحل يكمن بحرمان الفقراء من الضمان الصحي والاجتماعي مع إبقاء الاعفاءات الضريبية على الشركات الكبرى وهذا الحل يرى فيه الديمقراطيون انتحاراً سياسياً لهم وخروجاً مسبقاً من البيت الأبيض لأنهم يعتبرون الإنجاز الأهم الذي حققوه خلال الفترة الأولى من حكمهم يتمثل في تحقيق الضمان الصحي والاجتماعي للطبقات الفقيرة في أميركا. ولا تقف المشكلة عند حدود الولايات المتحدة الأميركية بل خارج امبراطورية الشر بسبب أن الكثير من الدول والشركات تستثمر جزءاً من احتياطياتها في سندات الخزينة الأميركية ولاسيما الصين التي تستثمر ما تزيد قيمته على تريليون ومئة وستون مليار دولار وهي بهذا أشبه ما تكون بمصرف أميركا المركزي إضافة لانعكاس ذلك على أسواق الإئتنمان العالمية إذا علمنا أن لا بديل عن أميركا صاحبة عملة الاحتياط العالمية وهو الدولار الأميركي. إن المحللين السياسيين المشتغلين بالشأن الأميركي يرون أن معركة الدين العام الأميركي هي حرب داخلية أميركية قد تكون اهم من حروب أميركا في العراق وافغانستان لأن اصطفاف الحزبين حول مقاربة الحل ترتكز على رؤية سياسية واستراتيجية تعكس الايديولوجيا التي ينطلق منها كل من الحزبين فقادة الحزب الديمقراطي يعزون أزمة الدين الأميركي إلى الحروب التي قادتها الإدارات الجمهورية المتعاقبة بل يرون أن ارهاصاتها الاولى تعود إلى حرب النجوم التي اطلقها الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان في ثمانينات القرن الماضي حيث اضطرت الإدارة الأميركية أنذاك إلى الاستدانة من الأسواق المالية لتمويل الانفاق على ذلك البرنامج الذي اعتبر فيما بعد السبب الرئيسي الذي أدى إلى استنزاف موارد الاتحاد السوفييتي السابق وعجل في نهاياته عندما حاول مجارات أميركا ببرنامج مماثل ويكمل القائلون بهذه الرؤية أن الأمر زاد سوءاً بعد أحداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 وزيادة العسكرة السياسية وحربي افغانستان والعراق حيث أرهقت الموازنات العسكرية الضخمة الاقتصاد الأميركي حيث بلغت العام المنصرم أكثر من 650 مليار دولار وهو ما يعادل مجموع ما يخصص من موازنات عسكرية لكل جيوش العالم ويقع عبئها بشكل أساسي على دافعي الضرائب والشرائح الفقيرة من المجتمع الأميركي والتي تزيد على الأربعين مليوناً ممن يعيشون تحت خط الفقر. ويبقى السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح على قادة الحزب الديمقراطي وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما وذراعه السياسية السيدة هيلاري كلينتون ترى إذا كانت الأسباب لديكم في تشكل تلك الأزمة تعزى إلى الانفاق العسكري والحروب الاستباقية فلماذا لا تسارعون في إطفاء ساحاتها المشتعلة في أكثر من مكان؟.. أم أنكم تستمرون في النفخ في أوار نيران تريدون اشعالها بالفتن والمؤامرات في حقول قريبة منها متناسين أن الرياح يمكن أن تغير اتجاهاتها في أي لحظة فتصبح امبراطوريتكم في وسط المحرقة عندها يصدق بيت الشعر العربي : فإن النار بالعودين تذكى ،وإن الحرب أولها كلام khalaf.almuftah@gmail.com ">. khalaf.almuftah@gmail.com
|
|