فهو مصدر فخارنا المعاصر, ومن خلاله دخلنا حلبة التنافس فيما بيننا في بناء البروج والصروح, وهاهي إحدى الدول العربية تعتزم بناء أطول برج في العالم، وتروج للخبر على انه فتح وأي فتح.
النفط يكاد يكون سلعتنا «القومية» الوحيدة التي نصدرها الى الخارج, وهو, تقريبا, وجهنا الوحيد الذي يتعرف علينا من خلاله الآخر,ونحن موجودون، غالبا, على خرائط الطاقة لا على خرائط الثقافة والمعرفة والإنتاج الفكري, والفرق بين ألوان تلك الخرائط كبير وشاسع ونوعي أيضا.
هل من صمم الأبراج السابقة واللاحقة هي العقول العربية المقيمة أو المهاجرة,والى أي مدى يسهم العقل العربي في ولادة الفكرة والتصميم؟ لاتسمع ولاترى إلا الشركات الأجنبية وهي تقوم بالدراسة والتصميم، وفي كثير من الأحيان تقوم بالتنفيذ أيضا, لنبقى في المحصلة مجرد مُلاّك بمقدورهم تغطية نفقات تقليعاتهم العمرانية ليس إلا.
عشر سنوات وأكثر والمنطقة الخليجية تدخل في ماراثون بناء أطول برج، ولم نسمع مرة عن برج أو ناطحة بنيا بفكرة وأيدٍ وأدوات عربية, وليس في هذا التمني دعوة للاستغناء عن الآخر بقدر ما هو تمنٍ ليكون عندنا قدرة محلية على ترجمة بنات أفكارنا وتمنياتنا.
الدول العربية لاتزال بعيدة عن الصناعة الثقافية، بل هي بعيدة عنها حتى من حيث الفكرة, فكيف بالتطبيق ؟ ورغم أننا نسلم في أدبياتنا الإعلامية ان السينما, مثلا, صناعة, إلا أننا نعود لاحقاً إلى مايروق لنا في ان الصناعة شيء والثقافة شيء آخر مختلف تماماً.