وإذا صح خبر استدعاء أنقرة للسفير الإيراني لديها لإبلاغه المفردات القاسية وغير الدبلوماسية؛ فإن ذلك يؤشر بوضوح إلى أن المنطقة ربما مقبلة على مراحل جديدة في التصعيد المتبادل بين دولها بما ينسجم مع الاستراتيجية الأميركية التي تدفع الجميع إلى الصدام والوصول إلى نقطة اللاعودة وبالتالي إلى المواجهة الحتمية.
وإذا استمر السجال المتصاعد بين النظام السعودي الفاسد؛ والجمهورية الإسلامية الإيرانية على خلفية قيام المملكة الوهابية بكل ما من شأنه أن يُصعد الوضع في البحرين واليمن فضلاً عن دعمها المرتزقة الإرهابيين في سورية والعراق؛ فإن ذلك أيضاً سيؤدي إلى تردي العلاقات بين البلدين لتبلغ ربما مرحلة القطيعة التي تسبق المواجهة.
وما يحصل من تأجيج سياسي وتجييش إعلامي للإساءة إلى العلاقات القائمة بين إيران والدول المجاورة لها؛ يحصل بالتوازي أيضاً مع سائر دول المنطقة بهدف الإساءة للعلاقات التي تربط كل بلدان المنطقة ببعضها البعض بهدف الوصول بالجميع إلى مرحلة لا يمكن لأحد أن يتحدث فيها للآخر أو أن يلتقي معه حتى على المشتركات والنقاط التي تجمع؛ في مقابل التركيز الأميركي - الغربي - الإسرائيلي على إثارة كل ما يُفرق ويُشتت.
زرع داعش وأخواتها في المنطقة ما كان ليكون لولا أن فعل تهيئة البيئة المناسبة لإنباته سبق عملية الزرع الأميركية، وبالتالي فإن تفكيك الألغام المزروعة التي حولت المنطقة حقلاً لها لا بد أن يبدأ من إدراك شعوب المنطقة ومجتمعاتها وقياداتها لأبعاد المخطط الأميركي - الصهيوني الخطير الذي يرمي إلى تفكيك المنطقة وتخريبها من الداخل؛ وبفعل ذاتي يقوم به أبناؤها.
وإذا كان من المستبعد أن تدرك مشيخات الخليج؛ والإدارة العميلة في عَمّان؛ والواهمون الحالمون باستعادة السلطنة العثمانية في أنقرة؛ خطورة الأدوار القذرة التي يقومون بها في إطار المشروع الأميركي الذي جعل من المنطقة حقل ألغام؛ وإذا كان من غير المتوقع أن ينسحب هؤلاء من المشروع الصهيو - أميركي، فإن الرهان سيبقى على صحوة وتحرك الشعوب والمجتمعات؛ وهو كفيل إذا نضج وحصل بوضع حد لجميع العابثين؛ وبتفكيك المشروع الخطير؛ وحقل الألغام وشيك التفجير.
ali.na_66@yahoo.com