بعض «المثقفين» ممن يحرّم علينا التفكير الناقد بحجة أننا مولّفون على نظرية المؤامرة، يسخر من تقارير تفيد بوجود الفساد بين ظهراني تلك المنظمات، مدعيا ان الإدارة الرشيدة، التي تحكمها، والشفافية ينزهانها عن الوقوع في رذيلة الفساد، رغم وجود دلائل وقرائن تثبت ان عددا منها تاجر يوما بأطفال دارفوركمنظمة «اوتش دي ذي»الفرنسية من خلال تهريبهم إلى أوروبا وبيعهم بأسعار خرافية بذريعة إخراجهم من الإقليم المنكوب إلى أوضاع معيشية أفضل هناك.
واقع عمل هذه المنظمات داخل السودان يعتبر عينة لعمل نظيراتها في غير دولة، ففي داخل هذا البلد تعمل291 منظمة أجنبية- وهذه الجردة رسمية من وزارة الرعاية الاجتماعية- وإذا تابعنا في إقليم دارفور نجد ان منظمة «لا مزيد من العطش»الأمريكية، وبعد ان نالت موافقة الحكومة السودانية للعمل في دارفور غيرت مهمتها الى التبشير في وسط نسبة المسلمين فيه 100%.
السودان وسيرياليون والصومال وغينيا وغيرهم من عشرات الدول التي تسلق على بطون جياعها المتسلقون، وباسمهم نهبت الكثير الكثير من الأموال الاغاثية، تكاثرت فيها المنظمات كما الأرانب، فصحيفة الاكونومست تحصي 26 ألف جمعية ومنظمة «قوية» وتقول إن الرقم الواقعي اكبر من هذا بكثير. هل ستؤدي هذه الجمعيات الأهلية إلى مزيد من ديمقراطية العالم، تتسائل الصحيفة؟ أو على الأصح شيوع العدالة في العالم؟ أم تؤدي إلى مزيد من الفوضى وإثارة القلاقل والاضطرابات للسلطات القائمة؟