لكنها اليوم لم تعد كذلك,بل أضحت طرفاً واضحاً في هذه الأحداث .. تتحمل مسؤولية مباشرة مثلها في ذلك مثل أي طرف أخر يشارك فيها. وكما أن الجماعات والتنظيمات المسلحة مسؤولة عن هدر دماء السوريين هي كذلك.
في عالم تأخذه الافتراضات الى أوهام ملاصقة تماماً لواقعه.. يبدو الكذب سلاحاً يستعيد أمجاده الغابرة من دعاة منهزمين في التاريخ.. والفارق أنه هو الذي ينجر إلى تصديق الكذب,وليس من يستهدفه..في معادلة تبدو مشلولة بمعطياتها.. وإن كانت في النهاية تعكس عدواناً تتوافر فيه كل أركان الجريمة وأدواتها .
بين الافتراض الكاذب.. والكذب الافتراضي تأخذنا المسألة إلى حدود أخرى ومستويات في غاية الخطورة، فحين يكون الانحدار المهني طريقاً الى القتل.. فالشراكة بين المحرض والفاعل ترجح كفة الأول بمسافات وتبدو المسؤولية التي يتحملها اضعاف ما يتحمله الآخرون.
على هذا النحو يأخذ الضخ الإعلامي المفبرك سياق الفاعل الأول والأخير , بل والجاني المباشر الذي يدفع بالمنفذ الى ان يكون اداة رخيصة ينقله من طور الى آخر.. ومن فعل بدائي تتورم فيه حالة القتل إلى احتراف تستطيل نتائجه إلى حدود ما نشهده اليوم.
واذا كانت تلك الأدوات تقوم بدور الفاعل,فإنها في الوقت ذاته عمدت إلى اللعب على أوتار التجييش بلغة استخدمت طيفاً كل مفرداته بعيدة عن المهنية,وتقاطعت فيها وبالنسق ذاته مع القوى التي ادارت المخطط ليكون ذلك التقاطع نقطة ارتكاز في عملها.
ومع ان تلك الأشهر كافية لاستدراك ما أخطأت فيه.. وما مارسته من دور تحريضي وفتنوي, فإن إطارها التصاعدي يتجه نحو ممارسة الدور بمساحات أكبر مع سعي حثيث للذهاب بعيداً في التصادم مع الواقع وحيثياته,واستجرت معها كماً آخر من ادوات ووسائل ابدت الكثير من الأطراف المشاركة سياسياً في الاستهداف رغبتها في النأي عنه.
إن السقوط المريع يفتح نوافذ وبوابات على واقع عربي أغرقته تدفقات المال غير المحسوبة في مطبات يدفع الآن ثمنها الدم العربي في أكثر من موقع..ليكون هذا المال ذاته متهماً من جديد , وإن كان بوجه مختلف عن كل ما سبق تقديمه في الماضي.
والمسألة ليست في هذا الانحدار.. ولا في تداعياته..بقدر ما هي في الادوات التي تم الدفع بها إلى المسرح السياسي العربي لتكون طرفاً مباشراً في هدر الدم العربي ومؤسساً لمرحلة أخرى من الاستهداف,لن تقف عند حدود هذا الانهيار لمنظومة كبرى من الاخلاقيات,بل ستتعداه إلى رسم ملامح جيل جديد من أدوارها التي غاصت فيها أبعد كثيراً من «الركب».
a-k-67@maktoob.com