والتي وصلت إلى حوالي عشرة أضعاف السعر , وتجلى ذلك واضحا من خلال ضبط عشرات إن لم نقل مئات محاولات تهريب المازوت بوسائل شتى , إلى لبنان وغيرها من الدول المجاورة , وهذا الواقع ساهم بزيادة الطلب على المازوت , وبالتالي تكريس حصول أزمة حقيقية لهذه المادة المدعومة ...! وعلى الرغم من إن الجهات المختصة بما فيها الجمارك اعتبرت معاملة قضية تهريب المازوت , كقضية تهريب المخدرات والسلاح , إلا إن عمليات التهريب استمرت على حساب الاقتصاد الوطني ...!
وهنا لن نناقش النتائج كونها معروفة بشكل بديهي , لكن علينا مناقشة الأسباب المؤدية إلى ذلك, والتي تتركز على إن السبب المباشر للتهريب وجود فارق سعر يصل إلى أضعاف السعر المدعوم محليا وتلك كافية لان يخاطر هؤلاء لجني الإرباح الفاحشة على حساب اقتصادنا الوطني ...!
ثم إن التهريب لم ينشط كما يجب لولا تقاعس وربما تواطؤ البعض من الجهات المعنية بالمراقبة والقمع مثل , الجمارك وحرس الحدود وحتى شركة ساد كوب وأصحاب المحطات , كل من موقعه وإلا ماذا نفسر وصول صهريج يحمل مائة ألف ليتر إلى المنطقة الحدودية دون رقيب أو حسيب...! في وقت شكلت فيه لجان بكل المناطق الحدودية للإشراف على عمليات التفريغ والتعبئة لمادة المازوت لكنها بقيت حبرا على الورق...! هذا كله ينذر بقدوم ازمة حقيقية للمادة والتي بدأنا نشهد بوادرها مع الازدحام الكبير للآليات أمام محطات الوقود على امتداد مساحة القطر, ويمكننا القول هناك من يفتعل هذه الأزمة المزمنة ويسهم باستفحالها وما قد يؤججها أكثر الحصار المرتقب خلال الفترات القادمة وخاصة إننا على أبواب موسم شتاء حيث يزداد الطلب, ونقف عاجزين عندها من مواجهة الأزمة التي تطل برأسها مع اقتراب موسم الشتاء من كل عام ..! وبالعودة إلى تخفيض سعر المازوت يتضح إن الحكومة قد تخلت عن مليارات الليرات السورية لصالح المواطنين لكن ذلك لم ينعكس فعليا عليهم ولا على الحالة الاقتصادية بشكل عام , من هنا نجد من الضرورة إعادة النظر باليات الدعم المطروحة حيث لابد من إعادة النظر بطريقة التعامل مع الآليات العابرة للقطر وخاصة الترانزيت وأيضا رفع الدعم عن الزراعات بعد إحداث صندوق للدعم الزراعي , الذي يجب أن يسهم في دفع فواتير الإنتاج أمام التزايد على الطب لهذه المادة , نتساءل اليوم أين نحن من إقامة مشروعات مصافي التكرير التي لم نجد منها أي مصفاة منذ سنوات ...!؟
وبعيدا عن التنفيذ مع تأكيدنا إن المباحثات بدأت مع مختلف الأطراف الدولية والشركات المختصة بإنشاء مصافي التكرير منذ العام 2003 وحتى تاريخه لم نجد مشروعا واحدا خرج إلى النور ...! وقد تكون الأسباب والمبررات غير مقنعة , إلا أن المنطق الموضوعي يقول يجب إن نحدد الأسباب والعقبات والعقد التي حالت دون وصول تلك المباحثات واللقاءات والمفاوضات إلى النتيجة المرجوة ...! والحل الاسعافي اليوم نجده يكمن في الإسراع بالتعاقد مع محطات وشركات لإقامة مصافي تكرير النفط الصغيرة والمتنقلة باستطاعات لا تزيد عن 15 ألف برميل يوميا ونشرها في مختلف المحافظات السورية بما يلبي الحاجة اليومية وبالوقت ذاته الإسراع في تنفيذ مشاريع إيصال الغاز إلى سورية من إيران والعراق للتعويض عن المشتقات النفطية اللازمة للصناعة والكهرباء ونستدرك بذلك الازمة قبل وقوعها فهل نعمل اليوم قبل الغد ..؟
ameer-sb@hotmail.com