ويمكن أن تشهد الدورة الاقتصادية نوعاً من التوسع وتترافق مع انطلاقة القوى الانتاجية المتاحة وتقليل معدل البطالة و التضخم والتناسب بين (الأسعار والدخل)، وهذا يؤدي إلى استقرارونمووازدهار اقتصادي يحقق مصلحة جميع أطراف المجتمع، لكن من جهة أخرى يمكن أن تشهد الدورة الاقتصادية نوع من الانكماش ويترافق مع ركود وفوضى اقتصادية، ولا تتوقف العوامل المؤثرة على الدورة الاقتصادية بالعوامل الداخلية بل تتأثر بشكل مباشر بالعوامل الخارجية أيضا، وخاصة من خلال تأثرّ العلاقة الكائنة بين (العرض الإجمالي والطلب الكلي الفعّال)، وكمثال على ذلك من واقع اقتصادنا السوري فإنه يمكن أن نتلمس ذلك من خلال مستويات الأسعار في أسواقنا الداخلية، وهذه الأسعار تعبر عن تلاقي رغبات المشترين مع البائعين، مع الإشارة إلى أن أي علاقة تجارية تؤول في مآلها الأخير إلى العلاقة النقدية.
وبالتالي فالعلاقة مباشرة بين الدورة التجارية والاقتصادية، وهذا ركزّ عليه أتباع (النظرية النقدية) بزعامة (ميلتون فيردمان)، وقد ركزوا على أنّ التقلبات التجارية تتأثر بالقاعدة النقدية من حيث التوسع والانكماش، وأن العوامل النقدية هي المصدر الأساسي للتقلبات التجارية والمؤثرة على الطلب الإجمالي، ونحن في سورية نشهد توازنا في هذه النقطة حيث أن قيمة الكتلة النقدية خارج المصارف تعادل الكتلة النقدية الموجودة في المصارف، وهذا يعني أن الاستقرار النقدي متوفر وبالتالي لايوجد أي مبرر لزيادة الأسعار أثناء عيد الفطر السعيد وفقا للنظرية النقدية ، ويجب أن ندرك أن تحقيق المزيد من الأرباح يتوقف على التسويق بكميات كبيرة وليس عن طريق زيادة الأسعار واعتماد هامش ربح كبير، لأنه كلما كانت الأسعار منطقية وموضوعية كلما ساهمت في زيادة الاستهلاك وعندها تزداد سرعة دوران رأس المال، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على مستوى الاستثمار الوطني أيضاً.
ولكن من جهة أخرى إن انفلات الأسعار وارتفاعها ستؤدي إلى تراجع الطلب الكلي وبالتالي يتراجع الاستهلاك الإجمالي، وهذا سيؤدي مباشرة إلى الركود الاقتصادي والذي سيتضرر منه بالدرجة الأولى (المنتجون والبائعون)، وخاصّةً أن كل منتج هو مستهلك ولكن ليس كل مستهلك هو منتج، وهذا سيؤثر سلبا على الدورة الانتاجية في المستقبل ويزيد من معدل البطالة والتضخم أي (الركود التضخمي)، ولا تتوقف العوامل المؤثرة على الدورة الاقتصادية من جانب الطلب الكلي فقط، بل تتأثرّ بالعرض الإجمالي من السلع والخدمات، وهذا يتوقف على عدّة عوامل ومنها تحرير الأسعار والتجارة الخارجية ودرجة انفتاح الأسواق الداخلية على السواق الخارجية، وفي هذه الحالة قد تتأثر الأسواق بما يدعى (صدمة العرض الإجمالي)، أي بمقدار قيمة وطبيعة المستوردات ونوعيتها ومدى تأقلمها وتناسبها مع متطلبات السوق، لأن الحكم الأول والأخير على السلعة أو الخدمة المنتجة أو المقدمة هو المستهلك، وهنا يأتي دور السياسة الاقتصادية وخاصة التجارية من خلال دراسة الفجوة التسويقية في الأسواق، أي الفارق بين (العرض والطلب)، وعندها نستطيع أن نضبط الأسعار في الأسواق من خلال التوازن بين رغبات البائعين مع الشارين.
ولهذا يقال إن الأسواق هي بمثابة ( ترمومتر المجتمع)، أي أنها تقيس حرارة المجتمع الاقتصادية، فهل نعتمد على الموضوعية في تحديد المنظومة السعرية وبما يضمن مصلحة كل من البائع والشاري، وعندها تنساب السلع والخدمات بشكل متوازن إلى السوق، وهنا تكون العلاقة بين الدورة التجارية والدورة الاقتصادية علاقة إيجابية أي أن كل منهما تؤثر بالأخرى ونتأثر بها، ومن الواجب الوطني أن يتمّ توجيه هذه العلاقة بالمنحى الايجابي، سواء كان عن طريق المبادرة الذاتية أو التدخل الحكومي المدعم برقابتها وخاصة في ظل الفوضى الاقتصادية العالمية التي تشهدها الأسواق العالمية، وكل عام وانتم بخير .