| سورية والسوريون إضاءات والعروبة عند السوريين ليست حالة أثنية أو عرقية وإنما مركب كلي حضاري يتشكل من مكونات ثقافية وتاريخية وروحية ذات طابع متعدد بمعنى أن مفهوم الأمة هنا تعددي لا أحادي بالمعنى القومي ،هذا التماهي السوري في المفهوم العروبي ربما كان أحد أسباب عدم تركز مفهوم الوطنية السورية عند غالبية الشعب السوري فالشعور القومي كان هو العنوان الأبرز والهوية الجامعة عندهم . وسوريا ككيان تاريخي وحضاري يغوص في عمق التاريخ وبجذرها الحضاري الذي يمتد إلى أكثر من سبعة آلاف سنة والحضارة السورية بإشكالها ومسمياتها المتعددة قدمت للإنسانية ومازالت الكثير في مجالات الفن واللغة والأدب والعالم، ولم ينقطع قط نتاجها الحضاري بل إن السوريين نشروا ابداعاتهم حيثما حلوا وهم اليوم سواء في أوروبا أو في الأميركيتين أو في دول الخليج وغيرها أمثلة حية على الحيوية والإبداع والإخلاص في العمل وبالقدر نفسه نموذج يحتذى في الارتباط والاعتزاز بوطنهم ودفاعهم عن قضاياه وحرصهم على سلامته وأمنه واستقراره لا بل إن السوري الذي يظهر بعض التبرم والنقد في بلده سرعان ما نجده غير ذلك ما أن يغادره إلى مكان آخر سواء بقصد العمل أو الدراسة أو السياحة وغيرها، بل يرتفع لديه منسوب الحساسية الوطنية ليكون في أحسن أحواله. وما دمنا كشعب ووطن نمر بحالة استثنائية شكلت بالنسبة لنا اختبارا وطنيا بامتياز يمكننا القول إن هذا الشعب الذي يمتلك كل ذلك التاريخ والعراقة وصاحب الجذر الحضاري الضارب عمقا في التاريخ لم ولن يعرف طوال تاريخه الهزيمة النهائية بكل أشكالها وهذا لا يلغي حقيقة أنه تعرض لنكسات وأشكال من الاحتلال والعديد من الأزمات ولكنها لم تتحول إلى حالة استسلام أو خضوع وخنوع بل إن الأزمات وأشكال العدوان والاستهداف والتآمر كانت تشكل بالنسبة له مصدرا إضافيا للمزيد من التحدي والمواجهة والإصرار والتصعيد للحالة الوطنية . إن مقايسة ومراقبة المشهد السوري في ظل الأزمة يجعل المراقب الحيادي يلحظ أن المواطن السوري هو الذي أصبح يواجه المؤامرة وليس الدولة بأدواتها المشروعة فقط على الرغم من حجم المؤامرة وتعدد أدواتها وأشكالها ومستوياتها سواء السياسي ام الإعلامي ام الاقتصادي أم النفسي وفي هذا السياق نجد أن المواطن السوري يواجه الإعلام المظلل بنفس الحماسة التي تقوم بها وسائل الإعلام الرسمية فتراه يتصل بوسائل الإعلام من موقع الحدث الذي يدعي الإعلام التحريضي أنه يشهد تظاهرات أو احتجاجات وغيرها ليكذب ما تتناقله تلك الوسائل وبصوته وباسمه الصريح لا كما يسمونه شاهد عيان غير محدد الملامح أو المكان، وفي الإطار الاقتصادي وعلى الرغم من شدة الضغوط والحرب الاقتصادية التي تشن نجد المواطن السوري بوعيه وحسه الوطني يمارس حياته الطبيعية ويعتاش بشكل اعتيادي فلا يقوم بتخزين المواد الغذائية أو سحب الأموال من البنوك الوطنية أو الانكفاء في بيته بل على العكس من ذلك فالمدن السورية خلا بعض المناطق التي شهدت توترات أمنية كانت ترفل بالحياة الطبيعية ولم تتوقف عجلة التنمية فيها وتتحول إلى مدن ميتة كما هو الحال في الأزمات والحروب والكوارث التي تشهدها بعض الدول وفي إطار تحليل ما يجري ومعرفة أبعاده كان المواطن السوري أكثر وعياِ ومعرفة من الكثير ممن يدعون حرفة السياسة والذين يمكن تصنيف الكثير منهم تحت عنوان «منجمون سياسيون او قارئو غيب» وربما في أحسن الأحوال «مكبرو أصوات». للسوريين الحق أن يفتخروا أنهم يواجهون ثلاث قوى في وقت واحد: فائض الأموال في أغلب دول الخليج وتوظيفه في المؤامرة على سورية والماكينة الإعلامية الضخمة بجناحيها العربي والغربي ودورها الوظيفي فيما يجري ومنظومة إستراتيجية أميركية صهيونية مدججة بكل أشكال القوة بما فيها المنظمات الدولية التي أصبحت ذراعاً سياسية وعسكرية لها تستخدمها متى شاءت لمواجهة خصومها السياسيين khalaf.almuftah@gmail.com ">. khalaf.almuftah@gmail.com
|
|