كما يسوق بضاعته ومنتجاته ويروج لها عبر الإعلان في وسائل الإعلام وغيرها من أشكال التواصل مع الجمهور فالسياسات في التفكير الغربي كما السلع الاستهلاكية قيمتها تكمن في القدرة على تسويقها وتحقيق الفوائد المبتغاة منها عبر ترويجها وجعلها مقبولة بل مرغوبة من الجمهور المستهدف ولو أسقطنا هذه الفكرة على ما تشهده منطقتنا مما سمي الحرب على الإرهاب أو تنظيم داعش أو التحالف الدولي للحرب على تنظيم الدولة الإسلامية لوجدنا أن الغرب الذي ساهم في إيجاد وترويج هذا الكائن الايديولوجي الراديكالي وعمم صورته في المنطقة والعالم أي الترويج له وبعد أن وجد فيه الكائن الوظيفي متعدد الأغراض والأهداف فهو في سورية أداة لضرب الدولة السورية بمكوناتها العسكرية والاقتصادية والاجتماعية بهدف استنزافها وفي العراق كان الأداة التي ساهمت في إزاحة رئيس حكومة وضرب البنية المجتمعية العراقية أو تهديدها وفي الخليج فزاعة لابتزاز دوله وحكوماته لدفع فواتير مستحقة تحتاجها مصانع السلاح في الغرب لتدوير عجلة إنتاجها والمساهمة في حل مشكلاته الاقتصادية وديونه السيادية التي أصبحت تثقل كاهل دافعي الضرائب ناهيك عن الاستثمار في الإرهاب لتعبئة الجمهور وأميركا على أعتاب الانتخابات النصفية لمجلسي النواب والشيوخ ولتكون الحرب على الإرهاب في بازار الانتخابات المشار إليها كل هذا وغيره يدخل في صميم الحديث المفاجيء والمتصاعد عن خطر الإرهاب الذي يتهدد العالم وكأن المسألة وليدة الأمس واليوم والكل يعلم أن قصة الإرهاب ليست بالجديدة وإنما تعود لأكثر من ثلاثة عقود مضت وتحت عنوان محاربته شنت العديد من الحروب وسالت أنهار من الدماء وجنت العولمة المتوحشه مليارات الدولارات استثماراً في حروبه العبثية.
لقد كان الغرب الاستعماري وعلى مرّ تاريخه الطويل يحل مشكلاته في الأغلب خارج حدوده أو على الأقل على حساب الشعوب الأخرى مستغلاً قوته العسكرية والاقتصادية والإعلامية ومستثمراً ضعف وتفكك خصومه والفارق المعرفي والحضاري الحاصل بينه وبينهم، علماً أنه المساهم الأكبر في ايجاده والساعي دائماً لاستمراره بل وتوسيع الفجوة المعرفية بينه وبين شعوب العالم الأخرى خاصة من يرى فيها ملامح دولة قوية لذلك وجدناه يغزو العراق ويدمر مؤسساته وجيشه ويقتل ويلاحق علماءه تحت ذريعة أن العراق يصنع أسلحة غير تقليدية ويتعاون مع تنظيم القاعده الذي هو ذاته من ساهم في إيجاده وكذلك نراه يلاحق إيران تحت ذريعة البرنامج النووي ويستهدف سورية التي انتهجت سياسة وطنية وبنت جيشاً واقتصاداً ودولة اعتماداً على إمكاناتها الذاتية وعرق ودماء وعقول أبنائها.
إن التوحش لا يقتصر فقط على قتل الأبرياء وقطع الرؤس فقط وإنما التوحش هو حاصل أيضاً في اتباع سياسات كونية لدول كبرى ينعدم فيها البعد الأخلاقي والإنساني في التعامل مع شعوب العالم خاصة من يسير منها في طريق البناء والتنمية وبناء مستقبل أبنائها كي يعيشوا بأمن وكرمة واستقرار فالجريمة هنا ترتكب بحق شعب كامل أو شعوب ومجتمعات بعينها من هنا تأتي أهمية إعادة الاعتبار للمسائل الأخلاقية والابتعاد عن الاستثمار في الأبعاد الإنسانية التي يجيد الغرب استعمالها في إطار حديثه عمّا يجري في منطقتنا من قتل وإرهاب يدرك الجميع أنه مساهم ومستثمر أساسي فيها من نقطة تشكلها وصولاً لاشتداد عودها.
إن محاولة استغباء شعوب العالم تحت ضغط ماكينة الضخ الإعلامي واستغلال المنابر الدولية لتسويق سياسات مخادعة وهدامة آن له أن ينتهي فالصورة أصبحت واضحة إلا لمن أصابه عمى البصر والبصيرة ولعل بعض الأصوات الواعية التي بدأت تطفو على السطح في أكثر من منبر إعلامي وسياسي ودولي وازن تجعلنا أكثر تفاؤلاً في تراجع أو بداية تلاشي ذلك المشهد المخادع!.
khalaf.almuftah@gmail.com