وهذا هو التفسير الوحيد والمؤكد من الجانب السوري الوطني وهو يمتلك خيارات متعددة وواسعة للتعامل والرد على أي اختراق أو اعتداء من جانب أي مجموعة مسلحة وافقت على الدخول أصلاً بالعملية السلمية من خلال اتفاقيات وقف الأعمال القتالية وصولاً إلى تحديد خرائط لوجود المجموعات المسلحة الإرهابية من تنظيمات داعش والنصرة والفصل فيما بينها وبين التنظيمات المسلحة الأخرى التي وافقت على الدخول في العمل السياسي المترافق مع شرط محاربة الإرهاب واستمرار التنسيق العسكري في جولات مؤتمر أستانة مع ما يمكن أن تمهد لجولات مؤتمر جنيف.
والمؤكد أن التوافقات الدولية لا يمكن توقيعها والقبول بها إلا بعد مداولات وبحث ونقاش مع الحكومة السورية وحساب المخاطر والمحاذير المحتملة مع كل خطوة، والتأكيد على الثوابت الراسخة المتمثلة في استمرار محاربة الإرهاب بالتوازي مع السعي الداخلي لتعزيز مسار المصالحات المحلية وتنفيذ عمليات تسوية فورية لكل من ترك السلاح وأبدى استعداده للتراجع عن حمل السلاح والعودة لممارسة الحياة الطبيعية بما فيها الانضمام إلى الوحدات المقاتلة ومحاربة الإرهاب، وهذا يؤكد التمسك بمهمات الدولة الأساسية التي لا تحمل غلاً ولا حقداً على أي من مواطنيها، وهي تعطي فرصاً لجميع الخارجين عن سيطرتها للتراجع والتزام القانون والتشريعات الوطنية، مع عدم تجاهل الحقوق الشخصية والخاصة للمتضررين القادرين على المطالبة بحقوقهم من خلال المحاكم والهيئات القضائية المختصة والحصول على حقوقهم في حال تقديمهم الدلائل والبينات والوثائق التي تؤكد حقوقهم، وقد يرتبط بهذا المفهوم استمرار الدولة بالقيام بالتزاماتها كاملة تجاه المواطنين الخاضعين لسيطرة الإرهابيين أو سيطرة المجموعات المسلحة الأخرى، تلك الالتزامات المتمثلة بتقديم الخدمات التعليمية والصحية والتموينية وخدمات المياه والكهرباء والهاتف والطاقة وغيرها، مع الاستمرار بدفع رواتب العاملين في المؤسسات الحكومية كلها على مدى سنوات العدوان كلها.
الربط ما بين تقديم الخدمات كاملة للمواطنين بغض النظر عن الوجود الحكومي من عدمه، وما بين الوقوف الدقيق عند أدق التفصيلات في القرارات والاتفافيات الدولية يؤكد عمق الدولة الوطنية ويفسر قدرتها على الثبات والصمود لقرابة ست سنوات ويؤكد في النهاية حتمية الانتصار القريب مهما غلت التضحيات، ومهما امتدت المواجهات، وذلك أمر يدركه العالم كله سواء اعترفت بعض الحكومات به أو حاولت حكومات أخرى نفيه وتكذيبه، وستكشف الأيام القريبة القادمة صدقية وصوابية هذه الرؤية مع ما ستحمله الأيام ذاتها من متغيرات محمولة على انتصارات ميدانية وإنجازات سياسية ودبلوماسية تجبر المتآمرين على التراجع وتجعلهم يذعنون لمسار الإصلاح السوري السوري بعيداً عن أي تدخل خارجي.