أو ربما تسريبها حالياً، أنَّ ( زيادة الرواتب والأجور إجراء يشمل شريحة معينة من السوريين، هم موظفي القطاعين العام والمشترك، ومع أن هذه الشريحة تعتبر اليوم جزءاً من الطبقة الفقيرة في سورية وتستحق الدعم والمساعدة، إلا أن هناك أيضاً شريحة أخرى قد تكون أكثر فقراً نتيجة تسبب الحرب بفقدان ما يقرب من ثلاثة ملايين فرصة عمل، وارتفاع نسبة البطالة لتتجاوز 55%، وهذه الشريحة لن تستفيد من أي زيادة قد تطرأ على الرواتب والأجور، لا بل إن مثل هذه الزيادة ستنعكس سلباً على أوضاعها المعيشية) وهذا غير صحيح، لأن زيادة الرواتب والأجور لموظفي القطاعين العام والمشترك، ينعكس بشكلٍ كبير على إنعاش أوضاع الكثيرين من غير الموظفين في هذين القطاعين، فمن الطبيعي أنّ الزيادة تستفيد منها الأسر، وليس فقط الأفراد، كما أنها تنعكس بشكلٍ كبير أيضاً على تحريك السوق، فتُحدث انتعاشاً اقتصادياً ولو محدوداً، وهذا يعني أنه لا داعي للركون إلى تلك المبررات، للوصولِ إلى النتيجة المغلوطة القائلة بأنّ زيادة الرواتب والأجور ستنعكس سلباً على الأوضاع المعيشيّة.. !
أمّا بالنسبة لتكثيف العمل حول مسألة تخفيض الأسعار، فهذه مسألة في غاية الأهمية، فيما لو تحقّقت، ولكن الثقة بالرقابة التموينيّة تكادُ تكون معدومة، ولا يُعوّل المواطنون عليها إطلاقاً، لأنّهم - وعبر التجارب اليومية - خبروا هذا الصنفَ من المراقبين، الذين يجعل بعضهم بضبوطهم الأبيض أسود، والأسود أبيض، تبعاً لمصالحهم الخاصة، غير مكترثين بالمصلحة العامة، أو مصلحة الناس .. إلاّ ما ندر، ومهما حاولت الجهات المعنيّة تغيير هذا المفهوم بتدبيجِ الكلام، فلن تستطيع، إلاّ أن يتغيّر الواقع القائم أمامَ الأعين، وحتى الآن لم يتغيّر، فما يزال بعض مراقبي التموين يُثبتونَ - وعلى الملأ - بأنّهم غير معنيين بأصولِ مهامهم، وأنّهم مستعدون لقلب الأشياء على عكسِ ما هي عليه، وقتما تقتضي ذلك مصالحهم.
لذلك فإنّ زيادة الرواتب والأجور هي الأسلم والأكثر جدوى، إن كانت مُتاحة وممكنة.. أمّا إن لم يكن كذلك، فلا داعي لإطلاق تلك الفلسفات الاقتصادية، التي لا تُقنعُ أحداً، ونحن مستعدّون من أجل سورية لمزيدٍ من الصبر والجوع، فكله يهون من أجل وطنٍ سليمٍ آمنٍ ومعافى.