وعن دوافع تبني حكومات عربية وغربية روايات مفبركة واعتمادها مشاهد تلفزيونية مركبة لتبني عليها مواقف سياسية لاتعرف الموضوعية؟!.
وفي معرض الرد والإجابة على هذه التساؤلات وغيرها يمكن القول: إن هذه الهجمة قد تكون الأعنف والأشرس لكنها بالتأكيد ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ومن يراجع التاريخ القريب سيعثر على مثيلات لها ربما كانت في حينها تعد الأشرس، فلماذا سورية، ولماذا تتعدد وتتجدد الاستهدافات والهجمات ضدها؟!.
سورية باختصار شديد تكاد تكون الدولة الوحيدة المؤثرة في المنطقة، وتكاد تكون الوحيدة التي تتمتع بالسيادة التامة والقرار الوطني المستقل، فهي الأكثر فاعلية في الساحة الإقليمية والعربية، وهي الأكثر مناهضة للسياسات الإمبريالية والاستعمارية، وهي ذات المواقف الأصلب في رفض الاحتلال ومقاومته، وهي الوحيدة التي مازالت- وستبقى- تتمسك بالحقوق العربية وترفض التنازل أو المساومة على أي منها.
لهذه الأسباب- وهي كافية- تستحضر الولايات المتحدة والغرب المشكلات وتفتعل أخرى لتبني مخططاً استهدافياً جديداً كلما فشل سابقه، فأميركا التي تتسيد العالم وتمنح أوروبا أدواراً محددة لم تهضم المواقف السياسية السورية يوماً، وهي كما لم تتخل يوماً عن محاولات تفتيت الدول العربية وإضعافها لضمان أمن إسرائيل، فإنها لن تتوقف عن هذه المحاولات خصوصاً أنها تجد بين العرب أنفسهم من يستجيب لها ويعمل معها في سياق صراع الإرادات الذي يسعى لخلق أوضاع عربية مضطربة تكون مدخلاً لتحقيق هدف التفتيت والإضعاف ونزع السيادة وفرض التبعية الكاملة.
هذا هو الواقع تماماً، وهذا مابات يدركه الشعب السوري اليوم أكثر من أي وقت مضى ولاسيما أنه تابع وراقب بدقة الأداء السياسي والإعلامي العربي والغربي خلال الشهور الماضية، وهو ماجعله يقف على حقيقة الغايات النهائية للاستهداف الذي تتعرض له سورية، وبالتالي جعله يرفض الوقوف على الحياد ودفعه إلى التعبير عن رفض مواقف بعض العواصم العربية المتورطة بالمؤامرة على سورية.
الشعب السوري بأكمله- سوى زمرة الإرهابيين وشهود العيان المأجورين- ينشد الحوار والإصلاح اليوم ويتمسك بسيادته وباستقلالية قراره الوطني، ويعبر كل يوم بطرائق مختلفة عن عزمه وإرادته الصلبة بمقاومة المشاريع الخارجية وأدواتها الداخلية التي تسعى لإشاعة أجواء الفتنة والتطرف لجعل سورية ساحة صراع ومسرحاً للفوضى التي تستجلب التدخلات الأجنبية، وسينجح بإحباط كل هذه المخططات كما نجح في 2005 وفي محطات أخرى لم يكن الاستهداف فيها أقل خطورة مما هو عليه اليوم.