والتي تعبّر عن قلقهم من مخاطر الإرهاب وضرورة استخدام كافة الإمكانيات لمحاربة التنظيمات الإرهابية ولا سيما «جبهة النصرة» وما يسمى «تنظيم داعش» تثير الكثير من علامات الاستفهام والتساؤل عما إذا كان الغرب فعلياً بصدد استدارة في سياسته الخارجية تجاه منطقتنا أم إنه ينفذ سياسة تضليلية غايتها التنصل من جرائم الإرهابيين والإيحاء للشعوب الغربية أنهم يسعون لحماية أمنهم واستقرارهم بعد أن بدأ الخوف والرعب يدق أبواب الدول الداعمة للإرهاب .؟!
لقد وضعت القوى الغربية كل إمكاناتها لإثارة الفوضى في منطقتنا وتحت شعارات الحرية والديمقراطية والمساعدات الإنسانية وقامت بإنشاء تنظيمات إرهابية تحت مسميات مختلفة ودعمتها بكل أدوات القتل والتدمير ومن هذه المنظمات الإرهابية التكفيرية «جبهة النصرة» و«داعش» ثم لاذت بالصمت تجاه جرائمها بحق المدنيين الآمنين، وفوق ذلك قامت باستخدام وسائل إعلامها المأجورة في دول الخليج من أجل الترويج لفكر هذه التنظيمات تارة والتستر على جرائمها وانتهاكاتها تارة أخرى، وفجأة صرنا نسمع مطالباتهم بضرورة مكافحة الإرهاب والتحذير من مخاطره، ثم اتخذوا قراراً في مجلس الأمن يعبّر عن هذا الاتجاه المفاجئ، فما الدافع وراء هذه الخطوات الغربية تجاه الإرهاب الذي كان إلى وقت قريب أداته المعلنة لتنفيذ مخططاته الاستعمارية في المنطقة..؟!
ثمة احتمالان يفسران هذا التحوّل في المواقف والتصريحات الغربية تجاه «جبهة النصرة» و«داعش» الارهابيين، الأول هو احتمال أن تكون هناك استدارة حقيقية في سياسية الدول الغربية بعد أن وصلت ارتدادات الإرهاب القاعدي إلى مجتمعاتها وراح يشكل خطراً حقيقياً على أمن مواطنيها ولذلك بدأت المواقف السياسية بالتغيّر المفاجئ، وهذا الاحتمال لا ترجحه شعوب المنطقة لكونها عانت من الإرهاب المدعوم غربياً وخاصة الإرهاب الصهيوني، أما الاحتمال الثاني والأكثر ترجيحاً هو أن التنظيمات الإرهابية التي شكلت ذراعاً للغرب في تنفيذ أجنداته قد تجاوزت الخطوط الحمراء المرسومة لها ولم تعد تستجيب لأوامر أسيادها وبالتالي كان لا بد من وقف تمددها ولكن دون القضاء عليها نهائياً.
في كل الأحوال لا يمكن الوثوق بنيات الغرب الاستعماري ولا يؤتمن جانبه، فالمستعمر لم يكن في يوم من الأيام منقذاً لشعوب منطقتنا ولا مخلّصاً لها، ما يفرض على شعوب المنطقة ودولها التعاون فيما بينها لمحاربة الإرهاب دون انتظار مساعدة الغرب، والقضاء عليه واستعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة بجهود وسواعد أبنائها، وبغير ذلك سيبقى الإرهاب سلاحاً مسلطاً على شعوب المنطقة وخيراتها مادام يخدم مصالح المستعمرين.
mohrzali@gmail.com