في صالون الجزائر الدولي للكتاب, لم أتفاجأ قط وأنا أتصفح تضاريس أنواع أكثر الكتب مبيعا وإقبالا. فما الذي سيميزه عن غيره من معارض الكتب العربية؟ تساءلت. كتب التراث والدين أولا و الطبخ ثانيا, على أهمية الفارق بين النوعين, إذ لايستوي الجمع بين الرأس والبطن إلا عندنا.
أن تذهب الى التراث اتصالا مع هوية وفضولا واطلاعا واستقاء لماض مجيد أمر مشروع ومبرر, وان تذهب لتنهل من صفوالدين رشفات روحانية،هو حق بعينه, ولكن ان تبقى رهين المحبسين، دونما تفاعل مع حاضر يتطلب مشاركة، هو النكوص والتقوقع بعينهما.
كلٌ ينتج ثقافته التي تقع بين طرفي الماضي وتراثه والحاضر والمستقبل ومتطلباتهما، فكيف لي أن أطمح الى أن تسجل كتب المعلوماتية والتقانة أعلى النسب في معارض الكتب العربية، ونحن لم نتخلص بعد من أميتنا الكتابية، وكيف لي ان اطمح في ازدهار سوق للكتاب ونسبة الفقر والبطالة تفغر فمها في أكثر الدول العربية.
من يشتغل على الحاضر والمستقبل ينتج لهما ويبيع بضاعتهما،ومن يقف عند حدود استهلاك المتوفر لن يلتهم إلا ماضيه وما حوله, وهومالا يكفل لنا الانخراط في الحاضر بفعالية. حالنا في الثقافة كحال غراب كليلة ودمنة حينما أراد ان يتعلم مشية الحمامة, فلا هو أتقنها ولاعاد لمشية الغراب.