إنه سؤال مهم جداً بات يفرض نفسه بقوة بعد اللقاءات والتصريحات والتوجيهات المتكررة
الصادرة عن فورد والتي تحدد لبعض المعارضين الخطوط العريضة والاستراتيجية لتحركاتهم الكفيلة بتحقيق أهداف الولايات المتحدة في المرتبة الأولى وليس ما يسعى إليه هؤلاء المعارضون!.
مع الأسف يصر فورد على الخروج عن الأعراف الدبلوماسية ويقحم نفسه في صميم المشاكل الداخلية لسورية ويقدم الآراء التي تحمل في طياتها مضموناً تحريضياً صرفاً سائراً على خطا نظير له خدم في دولة مجاورة.
إن توصيف «منظِّر المعارضة السورية» الذي أطلقه أحد المحللين الغربيين على فورد لم يأتِ من فراغ وتصريحاته حول ما يجب على المعارضة السورية فعله كافية لإلباسه هذا الوصف.
فآخر تصريح للسفير فورد لمجلة تايم في مقابلة هاتفية من دمشق تخطى فيه درجة المنظِّر إلى الموجّه والمؤثر بقوله للمعارضين «لا تتوقعوا ليبيا أخرى» والذي لا يهدف منه بالتأكيد دعوتهم للكف عن محاولات استقدام التدخل الخارجي في شؤون وطنهم الداخلية أو لنصحهم بالعودة إلى الحوار الذي رفضوا دعوة الحكومة السورية إليه بل يحرضهم بشكل صريح لتصعيد الأوضاع بعد أن بدأت الأمور في سورية تعود إلى وضعها الطبيعي والدليل المعبر على ذلك تبشيره في تصريحاته للمجلة ذاتها أن مشكلة العنف من جانب المحتجين السوريين ستتفاقم إذا استمرت الدولة بمواجهتهم حسب زعمه رغم اعترافه أخيراً بوجود مسلحين بينهم ولكن وفقاً لما يخدم الأجندة التي يعمل عليها.
ولم يكتف فورد في حديثه لمجلة تايم بتقديم النصائح والتوجيهات للمعارضة بل حدد لهم ما يجب فعله بالقول: ينبغي ألا يظنوا بأننا سنتعامل مع سورية مثلما تعاملنا مع ليبيا، والأمر الذي على المعارضة أن تفعله هو أن تجد طريقة تكسب بها التأييد ضد النظام لا أن تنظر الى الخارج في محاولتها حل المشكلة والقارئ لهذه السطور يرى مدى حجم التحريض الذي يسعى إليه السفير المنظِّر لتصعيد الأوضاع داخل سورية ومنع عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي.
وتندرج الزيارات واللقاءات مع المعارضين التي يجريها فورد كل يوم خميس في إطار يخدم هذا التوجّه ولو كان الأمر لاختار فورد أياماً أخرى «أيام عطلة السفارة» مثلاً للقيام بتحركاته خلافاً لما فعله أمس خلال زيارته مكتب أحد المحامين المعارضين في أحد أحياء دمشق.
فهذه المعطيات وغيرها توضح بشكل لا غبار عليه أن فورد يتصرف «كمنظِّر» للمعارضين السوريين الذين يرفعون شعارات تتنافى في مضمونها الحقيقي ما يتداولونه مع السفراء الأجانب والدول الغربية صاحبة التاريخ الاستعماري الحافل بالجرائم والمسؤولة عن تمزيق المنطقة.
لا شك أن المشكلة ليست فقط في تصرفات السفير فورد، فهو يقوم بما تكلفه به بلاده لخدمة مصالحها ولكن المشكلة في أولئك المعارضين العارفين بالأصول السياسية والقانونية الذين يعوّلون على الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية لتحقيق أهدافهم ومزاعمهم في الديمقراطية والحرية دون أن يكترثوا لتجارب هذه الدول الكارثية في العراق وأفغانستان وليبيا والصومال وفلسطين.
إن تجمع المئات من المواطنين السوريين أمام مكتب أحد المحامين المعارضين خلال استقباله السفير فورد في أحد أحياء دمشق العريقة جاء تعبيراً عن رفضهم واحتجاجهم لتصرفات السفير الأميركي من جهة وبنفس الوقت للقول للمحامي المعارض إن أفعالك ليست من شيم وأخلاق السوريين ولا نريد الحرية والديمقراطية الأميركية.