ذلك أن الاستخدام الثنائي للفيتو ينطوي على رسالة سياسية واضحة كان ينبغي أن تصل، وكان ينبغي أن يفهمها الأميركيون والأوروبيون، فما الذي حصل؟.
ما حصل أن الأميركيين والأوروبيين ذهبوا لحماقات أخرى لايمكن فهمها في الواقع ما لم نحلل رسالة الفيتو التي ربما أرادت أن تقول الكثير الكثير للقطب الواحد الذي طغى وللقارة العجوز المنساقة خلفه.
فقد يكون من مضامين رسالة موسكو وبكين ما يفضي إلى فهم أنهما لن تسمحا بعد اليوم باستمرار مصادرة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأن هذه المصادرة والاستخدام لهما كمطية لممارسة العدوان على الدول ذات السيادة أصبح من الماضي.
وقد تكون موسكو وبكين أرادتا القول: إن باستطاعتهما أن تعيدا التوازن للنظام العالمي، وربما رفعتا الصوت معاً لتقولا لقوى الهيمنة كفى ولابد من تسجيل العودة إلى روح المبادىء والقوانين والمواثيق الدولية.
وقد تكون الدولتان العظيمتان أرادتا الإشارة إلى مجموعة بريكس التي قالت وأسمعت لكن واشنطن والعواصم الغربية تجاهلت ما قيل في سورية من المجموعة عمداً في محاولة منها لإنكار حقيقة تشكل فضاءات سياسية جديدة في العالم مناهضة لسياسات النهب والهيمنة وإشعال الحروب التي تهدد مسيرة الأمن والسلم الدوليين.
الرسالة الروسية- الصينية واضحة وانطوت على مضامين سياسية أخرى لايتسع المجال لذكرها لكنها مع ما تم سوقه تساعد على فهم رد الفعل الأميركي -الأوروبي عليها.
فإما أنها لم تصل بدليل ارتكاب أميركا وأوروبا المزيد من الحماقات السياسية، وإما أنها وصلت وجرى فهمها جيداً ولذلك فقد دفعت بهم لارتكاب حماقات إضافية أظهرت وتظهر حجم الفشل والارتباك والصدمة.
قد تكون أولى هذه الحماقات التعبير عن أن الفيتو لن يوقف حملتهم وأنهم سيواصلون تحركاتهم ومحاولاتهم في المستقبل القريب، وقد لا تكون آخر هذه الحماقات تطاول كلينتون على روسيا والصين ومطالبتهما بتقديم إيضاحات حول استخدامهما حقاً من حقوقهما المعروفة في آليات عمل مجلس الأمن الدولي؟!
المفارقة هنا أن ما قالته كلينتون يعبر عن أن القطب الواحد بمنطق المواجهة ورد الفعل راح يتطاول على الكبار لأنه يعيش هول الصدمة، وهو ما يمكن فهمه بشكل أو بآخر، غير أن ما لا يمكن فهمه رد فعل العثماني الصغير الحالم بالامبراطورية الذي ذهب للتهديد بالعقوبات على سورية والقول بأن الفيتو لن يثنيه عن المضي بإعلانها!!!
ali.na_66@yahoo.com