تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الصـــوت الصينـــي..!!

الافتتـاحيـة
الأحد 9-10-2011
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

صحيح أن الصوت الصيني لم يعلُ كثيراً في السنوات الأخيرة، لكنه لم يغب أبداً عن القضايا العربية، وعُرف عن الصين مواقفها المبدئية في الدفاع عن الحقوق العادلة للدول والشعوب على المسرح العالمي.

فقد كانت بكين دائماً نصيراً دولياً لايمكن تجاهله أو تجاوزه في كثير من القضايا الملحة، ومارست دوراً ريادياً في قربها من هذه القضايا، وعلاقاتها المتميزة مع العديد من دول الجنوب المضطهدة والمستباحة بالهيمنة الأميركية وتداعياتها.‏

لذلك فإن الفيتو الذي استخدمته بالتشارك مع روسيا لم يكن خارج السياق الذي اعتادته السياسة الصينية، واحتلت من خلاله موقعاً واضحاً في توضعات المشهد الدولي وعلاقاته المتشابكة وتجاذباته المختلفة.‏

وفي ظل القطبية الأحادية برزت بكين كصوت اعتاد على ممارسة دوره بهدوء واقتدار دون ضجيج، وعملت خلال تلك السنوات على التخفيف من حدة الانزياح الناتج عن أهواء القطبية تلك ومصالحها ومبالغتها في ممارسة الضغوط على الشعوب والدول.‏

وبالقدر ذاته كانت الصين تعارض سياسة الحروب والتدخلات الخارجية، وهي التي عانت الكثير من أوجاعها، نتيجة العديد من المحاولات التي بُذلت في الماضي، ولا تزال تبذل، لذلك كانت الأقدر على تحديد مخاطرها وسبر أهدافها وغاياتها وفضح شعاراتها وزيف ادعاءاتها، كما كانت الأسرع في تلمس نتائجها وتداعياتها وفهم خلفياتها.‏

من هذا المنظور.. بدا الفيتو علامة فارقة في مقاربات السياسة الصينية للأوضاع الدولية، وتحديداً مايتعلق منها بالمنطقة العربية، ونقطة تحول في المسار السياسي الذي يخفي خلفه صوتاً مؤهلاً لأن نسمع صداه في قاعات المنظمات الدولية، ليعبّر عن طموحات راسخة في أن تكون الصين الصوت الآخر الذي يرمي بثقله على المسرح الدولي، مدعوماً من كتلة سياسية تبدو أكثر اتساعاً على المستوى العالمي.‏

ولعلّ المقاربة الصينية الأهم في هذا السياق أن حضورها المدوي على الساحة ومن بوابة مجلس الأمن سيفسح في المجال أمام تجاذبات الخروج الصيني، بما يحمله من تداعيات تعيد اصطفافات السياسة الدولية كما تعيد ترتيب المشاهد داخل مسرحها، ليضع حداً نهائياً لحالة الاستئثار التي مارستها قوى الهيمنة في العالم وتماهت معها الحالة الدولية ككل على مدى أكثر من عقدين من الزمن.‏

الصوت الصيني هنا ليس فقط حراك على مستوى القمة في المشهد الدولي، بل يدفع وراءه تموجات ضاربة على مستوى القاعدة من دول وقوى وأطراف ستكون القاطرة الصينية وبالتكاتف جنباً إلى جنب مع القاطرة الروسية محركاً رئيسياً لها، تم التعبير عنها في الفيتو المزدوج، بما يحمله من مكامن قوة مؤثرة في المشهد الدولي.‏

لذلك جاء الصوت الصيني مسموعاً وبقوة.. وكان مؤثراً وفعالاً.. تتحرك أصداؤه أبعد بكثير من القاعة التي شهدت رفع اليد الروسية والصينية للاعتراض على قرار كانت مابين سطوره تشي بما هو أخطر مما في كلماته، وتخفي فقراته خلفها نيات وأهداف، كانت العين الصينية قارئة لها ومدركة لأبعادها.‏

ومثلما هي الأصداء اليوم تتسع وفي أكثر من موقع، فإن نظرة الامتنان لموقفها ودورها القادم على المسرح الدولي تتسع كذلك، وربما بقدر أكبر، حيث خلقت أملاً منظوراً للدول والشعوب بأن عهد الهيمنة وعصر الصوت الواحد قد بدأ بالتراجع، وأول غيثه.. صوت صيني يعلو جنباً إلى جنب مع الصوت الروسي، ومن خلفه أصوات أعلنت كلمتها بوضوح في الوقوف وراءه وعبّرت عنه بالامتناع عن التصويت..!!‏

a-k-67@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7072
القراءات: 987
القراءات: 1144
القراءات: 933
القراءات: 936
القراءات: 921
القراءات: 1046
القراءات: 886
القراءات: 822
القراءات: 917
القراءات: 969
القراءات: 857
القراءات: 793
القراءات: 847
القراءات: 1049
القراءات: 924
القراءات: 741
القراءات: 931
القراءات: 954
القراءات: 1015
القراءات: 971
القراءات: 844
القراءات: 1018
القراءات: 926
القراءات: 1054

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية