سواء في القوقاز أم مابعده أم في آسيا الوسطى أم على تخومها مع أوروبا.
فزرع بذور الاستفزاز تكمن في تمسك الناتو في ضم أوكرانيا وجورجيا وهما من منظومة الاتحاد السوفيتي السابق وفي عدم تخلي واشنطن عن نشر درعها الصاروخية في تشيكيا وبولندا على بعد أميال فقط من حدود دولة كبرى تملك 160 ألف رأس نووي وهي بمثابة اكبر مخزون في العالم.
في الذكرى الاولى للحرب الجورجية على أقليم أوسيتيا الانفصالي اكدت القيادة الروسية انها ستحاسب تبليسي على عدوانها في حرب الايام الخمسة التي انتهت بتدمير الاقليم وانسحاب القوات الجورجية.
لم تكن موسكو تملك خياراً آخر سوى الدفاع عن الاقليم فتصدت لمغامرة الرئيس ساكاشفيلي الذي غامر بحرب شجعه عليها الغرب وانتهت بانفصال الاقليم واعتراف روسيا باستقلاله.
في هذه الذكرى عادت سيناريوهات مواجهة أخرى تشحن التصريحات،فقد أكدت اميركا والغرب واسرائيل تسلح جورجيا مااستدعى التحذير من أن الاقدام على مغامرة جديدة سيكون بمثابة انتحار من تبليسي قال نائب الرئيس الاميركي بايدن مؤخراً «أنا هنا لاظهار وقوفنا معكم وبحقكم في اختيار تحالفاتكم».
قد يكون من حق جورجيا اختيار تحالفاتها، لكن لا يحق لها تهديد أمن الجوار بحروب طائشة أو أن تكون رأس حربة لقلب الاوضاع في القوقاز.
لاشك أن اعادة تسليح جورجيا استفزاز للامن الروسي الذي يعمل الغرب على اختراقه سواء في القوقاز أم في آسيا الوسطى.
حرب أخرى تعني تدميراً آخر لبناء الثقة بين الغرب وموسكو، فالعدوان الجورجي المدعوم حتى اسرائيلياً على أوسيتيا الجنوبية اضطر القيادة الروسية إلى تعزيز قدرات ردعها في مناطق المواجهة لبحر البلطيق والقوقاز الشمالي وفي اقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللذين انفصلا عن جورجيا واعترفت بهما موسكو.
التصريحات الساخنة لاتعني أن حرباً وشيكة ستقع ولامواجهة اميركية روسية مباشرة، لكن مايعد من سيناريوهات لاشعال حروب خاطفة على غرار الحرب الجورجية الروسية والتي تملك موسكو القدرة على حسمها عسكرياً ستنعكس على مناخات الامن الدولي المهدد أصلاً بترسانات نووية قد ترده في أي لحظة إلى مربع المجابهة الاول والذي قاد يومها الى اسقاط القنابل الذرية الاميركية فوق هيروشيما وناغازاكي قبل اكثر من 60 عاماً.