تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خريجو المؤسسات التعليمية السوفييتية.. ومتطلبات النهضة التنموية الشاملة

محطة
الأثنين 20/10/2008
د. خلف الجراد

تشهد اليوم دمشق ولأيام عديدة فعاليات (الملتقى العربي السادس لخريجي الجامعات والمؤسسات التعليمية السوفييتية والروسية), الذي يشارك فيه ممثلون عن الدول العربية ودول آسيوية وأفريقية,

بالاضافة إلى مجلس التنسيق الدولي لروابط خريجي المؤسسات التعليمية السوفييتية والروسية , وهي مناسبة لا تنحصر أهميتها في التعارف وتبادل الخبرات والهموم والقضايا المشتركة بين هؤلاء الخريجين وحسب, وإنما تشكل فرصة ليتعرف قسم كبير منهم على سورية العربية, حضارة وتاريخاً وثقافة حية متجددة, ودينامية مواكبة لروح العصر وإيقاعاته, دون التخلي عن الأصالة وسماتها, المعبّرة عن تراكم عمره آلاف السنين.‏

فليس غريباً على خريجي المؤسسات التعليمية السوفييتية والروسية هذا الملتقى وهذا المكان المختار, بدلالاته الكبيرة رمزياً وثقافياً وواقعياً. إذ إن سورية من أولى البلدان العربية, التي أوفدت أبناءها إلى الاتحاد السوفييتي الصديق للدراسة واكتساب الخبرات والكفاءات العلمية المتقدمة منذ ستينيات القرن الماضي, ومع تنامي العلاقات وتطورها بين البلدين الصديقين على مدى نصف قرن من علاقاتهما الراسخة, القائمة على احترام السيادة والاستقلال, والتنسيق في المحافل الدولية المختلفة.. تزايدت أعداد الكوادر العربية السورية الحكومية وغير الحكومية, المدنية والعسكرية, الموفدة إلى الاتحاد السوفييتي بالآلاف, للتخصص في المجالات والفروع العلمية والتقنية والتطبيقية المختلفة, الأمر الذي حوّلها إلى قاعدة بشرية أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية, التي شهدتها البلاد على مدى عقود عديدة, ولا سيما من السبعينيات إلى اليوم.‏

الحديث على خريجي روسيا وعموم جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق, يستحضر إلى الذهن قصة عشرات الألوف من الكوادر والكفاءات العلمية العربية, التي لا يكاد قطر (عربي) يخلو منها, وإن كانت سورية ومصر والعراق والجزائر واليمن استحوذت على النسبة الأعظم منها, تليها فلسطين ولبنان والأردن وليبيا والسودان وتونس والمغرب, حيث ارتبطت أسماء هؤلاء الخريجين والأكاديميين بمواقفهم المعبرة عن التشبث المطلق بقضايا أوطانهم وشعوبهم ومجتمعاتهم, رافضين التخلي عن المبادئ العظيمة وقيم الاشتراكية والعدالة والإنسانية, التي ترعرعوا عليها وآمنوا بها بقناعة وعقلانية وشرف, رغم كل أشكال الضغوط والإساءات المتعمدة ومحاولات التشويه, التي مورست بحقهم وتعرضوا لها, سواء عبر الحرب النفسية والاعلامية القذرة من جانب وكالة المخابرات المركزية الأميركية (السي آي إيه CIA), أو من جانب زملاء لهم في الجامعات والمعاهد العلمية, ممن تشكلت لديهم تصورات مغلوطة وزائفة وغير حقيقية عن هؤلاء الخريجين, أو نتيجة للهجمة العالمية المبرمجة والشاملة ضد كل كادر وطني معادٍ للامبريالية والاستعمار والفكر الرجعي المتخلف, بصرف النظر عن انتمائه الحزبي والتزامه السياسي والتنظيمي.‏

وقد اشتدت الهجمة الأمريكية واليمينية الفاشية والصهيونية خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وبلدان المنظومة الاشتراكية, وفرط عقد التحالف, الذي كان قائماً بين هذه المنظومة وحركات التحرر الوطني في )العالم الثالث(.‏

مئات النماذج والأمثلة الحيّة أعرفها شخصياً لزملاء من هؤلاء الخريجين, الذين أبدعوا وتألقوا (ولايزالون كذلك) في علوم الهندسة, والطب, والري وبناء السدود, والكيمياء والفيزياء, والنفط والطاقة, والعلوم الفلسفية والاجتماعية, والتربوية, والاقتصادية, والفنون الجميلة, والآداب, والموسيقا, والمسرح, والسينما.. ممّن نعتز بهم فعلاً, ويفخر البلد بانجازاتهم الرائعة والمميزة, وهم يشكلون قدوة للأجيال الجديدة, التي تتطلع إلى أن تأخذ مكانتها المناسبة في مسيرة التنمية والتطوير والتحديث في المجالات كافة.‏

والحقيقة, فإن أمتنا ليست بحاجة إلى تقنيين أو )تكنوقراط(, أو مجرد حَمَلة شهادات عالية أوألقاب طنّانة, وإنما تحتاج إلى كفاءات علمية ملتصقة بقضايا الأوطان ومتماهية مع الناس وتطلعاتهم نحو حياة حرّة كريمة, يسودها العدل الاجتماعي, والحرية, والسيادة, والكرامة.‏

من هنا, فإننا ننظر إلى الملتقى الحالي لخريجي الجامعات والمؤسسات التعليمية السوفييتية والروسية بكل تفاؤل وأمل, لأنهم حصيلة امتزاج العلم والولاء للشعب والوطن, جبلوا على رفض منطق الهيمنة والقطبية الأحادية, والنظام الرأسمالي, الذي لا يعرف سوى النهب والاحتكار, وإفقار الشعوب والاستيلاء على خيراتها وإشعال الحروب, التي لا ينتج عنها غير تدمير الحضارة الانسانية. وإذكاء بؤر التوتر والنزاعات.. وصدام الثقافات والعنصرية البغيضة, والأحقاد الطائفية والمذهبية والقبليّة..إلخ.‏

فلنأمل ولنعمل جمعياً من أجل أن يتحول (ملتقى) اليوم إلى عمل مؤسساتي علمي-ثقافي, يمثل حالة متقدمة من التفكير العقلاني, والمناقشات الموضوعية المتعمقة, والرؤية الجماعية المتكاملة الواعدة.‏

WWW.Khalaf-aljarad.com‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 20/10/2008 08:21

الكاتب جمل ونمق التخرج من الجامعات الإشتراكية والشيوعية, فأذكره بأن جامعة الصداقة في موسكو(لولومبا) أيام زمان كانت تمنع الرسوب فيها من كثرة القادمين إليها من الدول التي كانت تدور بفلك موسكو, وكانت تلك الجامعة تفرخ الخريجيين من دون كفاءة, وطبعا هذا على حد معرفتي المحدودة وذاكرتي الضعيفة.

برفيسور محمد البخاري |  bukhari@mail.ru | 20/10/2008 15:39

الدكتور خلف الجراد المحترم تحية طيبة وبعد قرأت محطتكم لهذا اليوم وأعدت قراءتها مرات ولا يسعني إلا أن أحيي لقاء الخريجين متمنياً بالفعل أن يجد المشاركون في الملتقى طريقاً للعمل المؤسساتي الذي يفيد جامعاتنا العربية لتجد طريقاً لها تقوم من خلاله بتعاون ثقافي وعلمي تسوده العقلانية الموضوعية لخلق رؤية جماعية متكاملة تعود بالفائدة على مؤسساتهم التي يقع على عاتقها دفع عملية التقدم العلمي والثقافي الواعد للوطن مع أطيب تحية محمد البخاري الدمشقي المقيم في طشقند، دكتور في العلوم السياسية، بروفيسور كلية العلوم السياسية بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، وكلية الصحافة في الجامعة القومية الأوزبكستانية

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د.خلف الجراد
د.خلف الجراد

القراءات: 1846
القراءات: 946
القراءات: 1062
القراءات: 942
القراءات: 1000
القراءات: 968
القراءات: 2031
القراءات: 2892
القراءات: 2079
القراءات: 1255
القراءات: 6464
القراءات: 1463
القراءات: 1186
القراءات: 1261
القراءات: 1109
القراءات: 1409
القراءات: 1264
القراءات: 1080
القراءات: 1120
القراءات: 1280
القراءات: 1221
القراءات: 1073
القراءات: 1224
القراءات: 1235
القراءات: 2488

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية