ووحدها أيضاً يقع عليها الدور الأكبر في المسؤولية عن إخراج العالم من أزماته الحادة إذا أرادت أن تخرج سياستها من إطار النهج السلبي الذي أغرقه بها الرئيس السابق جورج بوش باندفاعه المغامر وراء الحروب الاستباقية وإثارة الفوضى الهدامة والتدخل السافر في شؤون الدول سعياً وراء حلم عقيم هوحلم أمركة العالم...!
فمن أزمة الصراع العربي الاسرائيلي التي لم تجد بصيصاً من ضوء لحلها في عهده بسبب إفراطه في الانحياز الأعمى لإسرائيل وضغوطه الجائرة على الفلسطينيين والغرب, إلى أزمة الملف النووي الإيراني فالأزمة الكورية والأزمة الجورجية والأزمة السودانية والأزمة اللبنانية وأزمة الحرب المدمرة والخاسرة على أفغانستان والعراق, وصولاً إلى الأزمة المالية والاقتصادية الكبرى التي هزت أميركا وغالبية العالم, كل هذه الأزمات هي التي تشكل الملح الأساسي للمشهد الدولي الراهن, وإذا كانت أزمة الشرق الأوسط هي الأزمة الوحيدة القديمة فيها وقد ازداد تعقيدها بسبب أن إدارة بوش لم تكن راغبة بالفعل في إيجاد حل عادل لها, فإن باقي الأزمات كلها كانت صناعة أميركية بامتياز لجأت إليها إدارة المحافظين الجدد ظناً منها بأن زعزعة الاستقرار الدولي باختلاق الأزمات يشكل المناخ الضروري والمسوغات اللازمة لسياسات التدخل والهيمنة.
والآن وقد ثبت فشل هذه السياسات وعقمها, وانعكست سلباً على الولايات المتحدة وصورتها ومكانتها الأخلاقية ودورها العالمي, حتى غدت بلداً مأزوماً في اقتصاده وسياسته واستراتيجياته وعلاقاته الدولية, فإن إخراج العالم من الأزمات التي افتعلتها سياسات بوش, وإبعاد تأثيرات هذه الأزمات عن أميركا, يكمن فقط في إحداث تغيير إيجابي في السياسة الخارجية الأميركية يسقط من جوهرها واتجاهاتها ما شكل سبباً في تأزيم العالم وزعزعة استقراره, وتلك هي المهمة التي يتعين على إدارة الرئيس المنتخب باراك أوباما الاضطلاع بها للانتقال بأميركا من الموقع السلبي الذي وضعها به بوش إلى موقع إيجابي يعزز استقرار العالم ويغير نظرته للولايات المتحدة.