بالنسبة لسورية لم يكمل الحراك عامه الاول.. لكن ..لاشك ان الحراك العربي شكل عاملا محرضا لما جرى في سورية متأخرا عليه بشهرين او ثلاثة.. بدايات 2012 لاتشبه بدايات 2011.. في البدء لم تكن الحسابات لاحتمالات التحرك دقيقة.. ولم تكن مواجهته صحيحة سليمة.. لقد فاجأتها الاحداث وسرعة تطورها.. مما شكل مشهدا يشكو من تخبط القرارات تبعا لتعدد التوقعات، وفي اسوأ الاحوال، ورغم حديث المؤامرة، لم يتوقع ان تصل الامور الى هنا..
راهنت القيادة السورية على حوامل كان يمكن ان تدرك انها في الظروف الراهنة، لايمكنها ان تحمل..!!مثل: العروبة والتضامن العربي، وتحريم الاقتتال البيني علنا او تآمراً.. القضية الفلسطينية وأولوية العداء لاسرائيل.. الدور السوري في كبح جماح العدوان الاسرائيلي.. قدسية الوطن السوري وتماسكه الجغرافي والاجتماعي.. وحوامل اخرى.
كل السنين التي سبقت الحراك اشارت بوضوح الى تصدع في هذه الحوامل.. وبالتالي كونها شكلت عامل مواجهة - ربما - لانظمة الحكم في دول الحراك العربي الاخرى، لايعني بالضرورة انها تشكل عوامل دعم ناجع ومانع لنظام الحكم في سورية.
انهال الغزو على سورية من كل جانب.. من الفضاء.. من الحدود.. من الداخل.. وأتلفت كل مواثيق الصداقة والشراكة والاخوة، لتجد نفسها بمواجهة غير مسبوقة بالتأكيد..
اليوم يدخل العام الجديد على وضع مختلف.. فرغم المواجهات القاسية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، نجح النظام في تأكيد صموده وحرصه واصراره على سورية واحدة دون تراجع عن اي من مواقفها القومية الإقليمية.. واستمر الجيش السوري يجوب باحات الوطن من الحدود إلى الحدود.. مؤكداً قوته وعزيمته، واستمرت مؤسسات الدولة في المواجهة بهذا الحجم أو ذاك من الخسائر..
أما المعارضة فهي تواجه العام الجديد بوضع أسوأ من العام الذي مضى..
الخطأ القاتل للمعارضة أنها وضعت أولوية إسقاط النظام قبل حماية البلد.. سواء كانت معارضة هيئة التنسيق التي تقول إنها لا توافق على تدخل أجنبي.. أم المعارضة متعددة الوجوه داخل المجلس الوطني والذي يبدو التدخل الخارجي أهم ما تجتمع عليه أو تصر على أن تجتمع عليه!.. مما يؤكد اعتمادها شبه الكلي على هذا السلاح..
المعارضات الأخرى.. الموجودة داخل سورية.. التي تبدو وكأن لا أحد يكيل بمكيالها قد تكون الأقوى والأقرب من الانتصار، لأنها راهنت على وحدة الوطن وتماسكه من خلال الواقع القائم لا بالأحلام الطوباوية..
في اتفاق غليون-مناع الموءود.. كان ثمة تجاهل كلي للقوى داخل سورية وخصوصاً النظام وهو قوي رغم ما يواجهه.. وبالتالي قالوا:
إسقاط النظام أولاً..؟! كيف.. ودون أي برنامج عملي أو سياسي يوضح إلى أين..
لقد غيّر العالم الاستعماري خططه بالنسبة لسورية لأنه وجد من المستحيل تجاوز حقيقتها كدولة.. لا بالمخلب التركي.. ولا بالمال القَطَري.. ولا بالعدوان الاسرائيلي.. فوضعوا لها مخططاً شيطانياً آخر..
يعني الغرب الداعم عرف أنه يستحيل تجاوز سورية دولة وقوة ونظاماً والبناء في الفراغ.. في حين أن المعارضة السورية في المجلس والهيئة، تجاهلت هذا الواقع وكان الأحرى بها التعامل معه.. وإلا هي تعتمد على سحر في الفراغ..
هذه المعارضة غير مهيأة ولا تتحمل مسؤولياتها «مسؤوليتها عن وحدة وتماسك الوطن مثلاً..» وبالتالي المرحلة القادمة ستشهد ولادة معارضة أكثر فاعلية ومسؤولية تقبل على الحياة من خلال معطيات الواقع وأولويات وحدة الوطن.
معارضة لا تنتظر لا جامعة الدول العربية.. ولا هيئة الأمم المتحدة.
As.abboud@gmail.com