تهدئة طالما كانت إسرائيل تنتهكها كل يوم، وتعهد طالما سبق لها أن ماطلت في الالتزام به، ويبدو عبثيا إلى حد غير مسبوق أن يتوهم البعض أن الظرف الذي نتج عن فشل العدوان يمكن أن يغير في معطيات الموقف الإسرائيلي، أو في تعديل سلوكها القائم على المراوغة.
هذه الحقائق التي تتجسد على أرض الواقع كل يوم، تأتي في ظل انزياح إسرائيلي نحو التطرف وهو تطرف يهدد بنسف كامل العملية السلمية، ويدفع بالأوضاع في المنطقة إلى أتون مرحلة جديدة من التصعيد، وهي لا تخفى على أحد، ولا تبدو بعيدة عن أذهان القوى الدولية.
وبالتالي فإن السباق الذي يدعيه البعض لإنجاز تسوية قبل أن تنتقل مقاليد السلطة إلى فريق أكثر تطرفا في إسرائيل لا يعدو كونه، محاولة لتمرير ما عجزت إسرائيل عن تمريره بالعدوان، وما فشلت في تحقيقه قبل وبعد ذلك.
فالإسرائيليون سواء كانوا يقادون من المتطرفين، أو من قبل الأشد تطرفا، الأمر سيان، خصوصا أنهم يعلنون جهارا رفضهم الالتزام بأي تهدئة لا تحقق لهم ما عجزوا عن تحقيقه بالقوة.
المفارقة أن الوقت الذي وظفه الإسرائيليون للمماطلة، لم يستفد منه بعض المساهمين والراعين لجهود التهدئة في استغلال الفرص المتاحة لتحقيق ما هو أهم وهو المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تشكل ورقة القوة سواء تمت التهدئة أم لم تتم، وسواء جاء المتطرفون أم الأكثر تطرفا، وسواء استمرت التهدئة الموعودة أم لم تقم من أساسها.