| فن الممكن حـــدث وتعــليـق رغم ان دفع الاثمان لن يسقط سهواً من حسابات ادارة قررت مواجهة التحديات الكبيرة بالدبلوماسية التي ستشكل اختباراً لمصداقية التغيير وصموده على ارض الواقع. وعلى ارض الواقع الجيوسياسي فرضت الازمات الدولية المتشابكة نفسها بقوة على الرئيس أوباما، وكانت الخطوات التي اتخذتها روسيا الاكثر جرأة بقرار مواجهة النفوذ الاميركي في باحتها الخلفية آسيا الوسطى التي لا تريد ان ترى فيها اي تواجد عسكري اميركي في وقت لم تحسم واشنطن بعد موقفها من الدرع الصاروخية. وإذا كانت افغانستان التحدي الاول لاوباما في حرب عالمية مفتوحة على مكافحة مايسمى بالارهاب، فإن الاستمرار فيها لن يصمد دون اثمان وربما غالية جداً على واشنطن دفعها إذا ما اختارت الخروج من المستنقع الافغاني. فالحرب البرية الاميركية المفتوحة هناك منذ 7 سنوات لم تحقق اياً من أهدافها المعلنة وتداعياتها الخطيرة بدأت تنال من وحدة الناتو ممايثير مخاوف اميركية جدية ومقارنات من ان يعيد التاريخ تدوير الاخطاء التي وقع فيها الاتحاد السوفييتي الذي بقي في افغانستان 9 سنوات وانهار بعد ثلاث سنوات فقط من سحب قواته منها. روسيا تدرك تماماً الورطة في افغانستان وحاجة واشنطن والناتو لدعمها في توفير ممرات لوجستية آمنة للقوات، وإلا فإن واشنطن مضطرة لاستخدام قواعدها في أوروبا والخليج لنقل الامدادات والقوات التي قررت مؤخراً زيادتها، ماسيعقد المهمة. ربما كان اغلاق قاعدة ماناس القاعدة الاميركية الوحيدة في آسيا الوسطى شكل مفاجأة لواشنطن لكونها شريان الامدادات لافغانستان لكن بالحسابات الروسية لم تكن مفاجأة خاصة ان موسكو سمعت جيداً التصريحات الاميركية بأن افغانستان ليست العراق. في كل الحالات من حق موسكو انتزاع ثمن جيوسياسي مقابل تعاونها في افغانستان الواقعة في جنوب غرب اسيا المعروفة بأنها مقبرة تاريخية للامبراطوريات. الكثيرون ينصحون واشنطن بعدم الرهان على نصر في افغانستان وان النهج العسكري لن يحقق شيئاً ، مايعني حتمية طلب المعونة من دول الجوار الافغاني وروسيا التي تسعى لتحقيق مصالحها بشراكة كاملة مع الولايات المتحدة في كل الازمات الدولية التي فشلت الدبلوماسية الاميركية في حلها ومنها الشرق الاوسط الذي نشطت القيادة الروسية مؤخراً لعقد مؤتمر للسلام حوله بموسكو في اقرب وقت. ليست السياسة وحدها فن الممكن بل الحروب ايضاً وعلى واشنطن الاعتراف بذلك ، وبأن للتغيير اثمانه اذا ماأرادت تعاوناً دولياً قائماً علي الشراكة والاحترام المتبادل لحق الشعوب.
|
|