وقد مثلت هذه المبادرة باعتقادي خطوة متقدمة في اختيار موضوع ساخن يلقى اهتماماً على امتداد الساحة الدولية , فضلاً عن التركيز الإعلامي عليه باعتباره يتجاوز حدود التصفية الجسدية للأفراد المدنيين والأبرياء ليطول محاولة تصفية الحقيقة والمعلومة وأركان إثبات الجرائم التي ترتكبها المجموعات المعتدية و الأنظمة المجرمة والجهات التي تنتهج أساليب وطرائق القتل والتصفية والجرائم المنظمة , فقد سقط مئات الصحفيين على مدى السنوات الثلاثين الماضية في أكثر من ساحة نزاع امتدت من أميركا اللاتينية إلى القارة الإفريقية ومناطق البلقان لتصل ذروتها في القارة الآسيوية , وخاصة في الشيشان وأفغانستان , لتبلغ أوجها في كل من العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة. وحملت الأسابيع الأخيرة أنباء تبرئة محاكم جيش الاحتلال الاسرائيلي لطاقم الدبابة الذي قتل ثمانية مدنيين في غزة بينهم مصور وكالة رويترز فضل شناعة الذي قضى في غزة وهو يحمل كاميرا ويرتدي الزي الصحفي الواضح ,وقد ظهر على بزته بخط كبير كلمة PRESS ,وقد سبق أن قتل في العراق عشرات عشرات الصحفيين منذ بدء الاحتلال الأميركي مطلع عام 2003م من خلال استهداف مكاتب قناة الجزيرة واستشهاد مراسلها طارق أيوب وصولاً إلى عمليات التصفيات التي تقوم بها جماعات إرهابية عمدت إلى التمثيل في أجساد الصحفيين والصحفيات بعد تصفيتهم في رسائل تحمل دلالات تهديد للمؤسسات الإعلامية ومحاولات لثنيها عن القيام بدورها المتمثل في نقل الحقيقة للعالم أجمع كما هي !! وأجزم أن كلية الحقوق اختارت موضوعاً ساخناً يحظى باهتمام المنظمات الدولية ودول العالم , فضلاً عن التنظيمات الصحفية التي تواجه حرباً ضد قوى الهيمنة والظلام التي تحاول طمس الحقائق وتغطية ممارساتها المنافية للأنظمة و الأعراف والقوانين الدولية , و هذا الأمر لا يقتصر على تنظيمات إرهابية مسلحة إنما تمارسه أنظمة وحكومات كإسرائيل و هي قد ضربت أوقح المواقف من خلال اصدارها أحكاماً قضائية بتبرئة قاتلي المدنيين والصحفيين تحت ذرائع واهية, كعدم القدرة على التمييز ما بين الصواريخ و المدافع من جهة و بين الكاميرات و الحمالات الصحية من جهة ثانية.
و جوهر قضية الحماية لا يكمن من نقص التشريعات و القوانين الدولية, و إنما في عدم رغبة الإعلام و الصحافة التي تمتلك من القوة ما يفوق كل محاولات الحجب إذ أن بعض الصحفيين قد صوروا لحظات قتلهم بأيدهم, ,و قدموا الأدلة بعد موتهم بأنفسهم.
وهكذا تستمر المشكلة إذ أن الحساب يأتي بتوقيت ما بعد الموت. وتستمر خطوات الاعتداء و تثبت بمواجهتها قدرة الإعلام على كشف قاتليه.