تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تعويضات للجميع

الافتتاحية
الاثنين 1/9/2008
بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

إضافة إلى الاعتذار الرسمي, وافقت إيطاليا على دفع تعويضات للشعب الليبي عن الحقبة الاستعمارية, وبغض النظر عن مبلغ التعويضات »5 مليارات دولار« فقد فتحت الجماهيرية وإيطاليا بوابة حقيقية على التاريخ بسابقة مهمة.

لماذا الشمال متقدم والجنوب متخلف?!‏

تحديداً على ضفتي المتوسط.. لماذا?!‏

لقد تعرضت دول الضفة الجنوبية للمتوسط, بما فيها الشاطىء الغربي, بكاملها إلى استعمار دول من الضفة الشمالية والقارة الأوروبية , وصولاً إلى الجزر البريطانية.‏

قبل أي اتهام ومع الإقرار أن ثمة عوامل وظروفاً موضوعية وتاريخية ساهمت في أن تكون خطوات الجنوب في النمو والتطور محددة أو بطيئة.. نسأل:‏

هل تسبب الاستعمار في تخلف الجنوب?! أو هل ساهم في ذلك على الأقل..?!وهل يستوجب ذلك كله التعويض ?!.‏

هذا ناهيك عن التعويض عمّن قتل وعذب وشرد ونفي -كبار قادة المجتمع العربي »دول جنوب المتوسط« نفي.. وكثير منهم قضى في المنفى-‏

ثم..‏

كيف يكون التعويض لمن خسروا أرضهم بكاملها?! كيف تعوض بريطانيا مثلاً للشعب الفلسطيني عن أرضه عن دمه المراق عن عذاباته المستمرة يومياً حتى الآن..?! وكيف ستعوض الولايات المتحدة لكل العرب وفي طليعتهم الفلسطينيون والعراقيون.. و.. الخ?.‏

هذه حسبة عصية على التقدير.. أرقامها خرافية.. وحدودها لا نهائية.. وليس بودي أن أتوه مع الأرقام أو أتعامل مع الأوهام أو أن أصل حدود اللانهايات.‏

بل أنا أطرح الممكن..‏

وهو ممكن وحيوي ويحسن العلاقة وينميها بين المستعمرين والذين خضعوا للاستعمار.. وتقوم على مبدأ التعويض.‏

في اتفاق الجماهيرية مع إيطاليا, ومرة أخرى بغض النظر عن المبلغ وزمن السداد, وأرى المبلغ صغيراً قياساً إلى ما جرى وزمن السداد طويلاً.. لكن أركز على الشكل, يعني أن يكون السداد مشاريع تنفذها دول الشمال المتقدمة في الجنوب, لقاء تعويضات يتفق عليها عن الحقبة الاستعمارية.‏

هذا أفضل بكثير من تسليم مبالغ من المال لا أحد يستطيع أن يحدد مصيرها في ظل الفساد المنتشر على الضفتين.. ويخلق حالة حيوية من علاقات تسهم في التنمية بكل أشكالها.. اقتصادية.. اجتماعية.. إدارية.. ثقافية..‏

ووفقاً لهذه النظرة تقوم شراكات عملية عادلة.. لا تظهر بموجبها الدول المتقدمة أنها مضحية, وهي ليست كذلك حتى في التزامها بالتعويض عمّا سببته من أذى لشعوب الدول المحتلة.‏

يعني ألا تعتبر نفسها »الدول الاستعمارية« أنها مضحية أو مقرضة أو مانحة.. بل هي تعيد حقاً لأصحابه..إن تم ذلك بإطار من الرضا وحسن النيات من قبل الدول الملتزمة بالتعويض, وانفتاح الروح والعقل من قبل الدول المستحقة لهذا التعويض.. بما يضرب صفحاً عن تاريخ مضى ويسقط شماعة الاستعمار التي كثيراً ما تعلق عليها الشعوب النامية أكثر مما هو موضوعي ومنطقي.. يؤسس ذلك إلى حالة حراك وتبادل وعدالة ونشاط, ويخفف على كلتا الضفتين من أزماتهما.. فالشمال له أزمته أيضاً مع الجنوب.. منها مثلاً أزمة الهجرة »غير المشروعة«والتي تقمعها دول الشمال بشكل خجول أحياناً وبشكل قاسٍ في أحيان أخرى.‏

إن دفع مليارات من اليورو من الشمال إلى الجنوب لإقامة المشاريع وإنشاء الاستثمارات سيؤدي إلى إيجاد فرص عمل وحياة في الجنوب كفيلة بإيقاف المهاجرين »غير الشرعيين« تلقائياً..‏

وإلا لماذا يهاجر الشبان من الجنوب إلى الشمال..?! أليس بحثاً عن العمل والحياة..? فلتؤمن له في بلده ولقاء ما اقترف بحقه.. فيبقى في بلده..?! هذا مثال واحد على منافع كثيرة لحالة ممكنة من تعويضات تقدمها الدول الاستعمارية إلى البلدان التي استعمرتها.. وبكل الأحوال فإن البناء في الجنوب بأموال الشمال سيؤدي ليس إلى تحسين بيئة وظروف حياة الجنوب وحده.. بل الشمال أيضاً..‏

فالمتوسط وغير المتوسط لا يشكل مانعاً طبيعياً كافياً وحده لعزل الدول المتقدمة عن الدول النامية..‏

تعليقات الزوار

وفيق , الضيعة |  وما زال الاستعمار مستمرا | 01/09/2008 23:45

هذه التعويضات ما هي الا غطاء لاستعمار جديد قديم , لانه لاننسى بان ليبيا غنية بالموارد النفطية وهي بهذه الموارد تشكل جذبا هاما للدول الاوربية الصناعية التي تحتاج الى طاقة نفطية والى اسواق لتوريد بضائعها , وايطاليا هي الاقرب , هذه التعويضات الخجولة وان كان الرقم ضخم تشكل استثمارات مبطنة من مد طرق وانشاء جسور , وتصحيح طرق الصرف الصحي , ثم انشاء محطة لتحلية المياه . على اية حال الاستعمار مثل الانهار يحترق الطرق الضعيفة , ونحن مسؤولون عن اضعاف او تمتين هذه الطرق منعا لاختراقها . العالم صراعات وقدرات , اي ان النشيط والذكي و اليقظ هو الرابح , وفي صراعات الامم لايوجد عواطف او محسوبيات .

كامل - القامشلي |  بشكل آخر | 02/09/2008 00:01

لااعتقد بان الاستعمار مسؤول بشكل كامل عن تخلف الضفة السلفى للمتوسط , لانه قبيل وصوله الى تلك الضفة كانت في اشد تخلفها ولهذا فقد تم احتلالها واختراقها بسهولة , و لانه على العكس , لماذا لم نقم نحن مجتمع الدول النامية بغزو الضفة الشمالية واستثمارها , لماذا نرمي باثقالنا وفشلنا على الاخرين , على سبيل المثال .. او تصوروا .. بأن يكون الخبر الرئيسي لمحطة اخبارية في ايامنا هذه هي قيام الامبراطورية العربية بغزو الولايات المتحدة واحتلالها للجزء الشرقي منها . لم ننسى التاريخ القديم للملكة السورية زنوبيا التي كانت تصد وتُفشل بشجاعة غارات الامبراطورية الرومانية , اما في عصرنا الحديث فالمثال مشابه لما حدث في حرب تموز الشهيرة وصد الهجوم الاسرائيلي وتخريب العقيدة العسكرية لهذا الجيش وافشال مشروع الشرق الاوسط الاستعماري الجديد وتكسيره بعصا الراية السورية التي ينضوي تحتها عقلاء المقاومة العربية على ارض الشام .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أسعد عبود
أسعد عبود

القراءات: 788
القراءات: 817
القراءات: 807
القراءات: 900
القراءات: 747
القراءات: 867
القراءات: 812
القراءات: 857
القراءات: 788
القراءات: 833
القراءات: 736
القراءات: 826
القراءات: 825
القراءات: 788
القراءات: 828
القراءات: 960
القراءات: 696
القراءات: 1005
القراءات: 1164
القراءات: 899
القراءات: 857
القراءات: 1183
القراءات: 1070
القراءات: 852
القراءات: 1011

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية