فالأجواء الإيجابية التي سيطرت على عملهم لم ترق لأولئك، كما هو الحال مع أدواتهم، وهم الــذين كانوا يمنّون النفس بأجواء أخرى تستجيب لرغباتهم وتتقاطع مع النيات التي أعدت تفاصيلها مسبقاً، وتناغمت مع الغاية التي توهموا منذ البداية أنها يجب أن تترجم.
من الواضح أن فكرة البروتوكول حين طرحت لم تكن غايتها توثيق الحقائق ونقل الواقع، بقدر ما كانت عملاً سياسياً يهدف إلى إحراج سورية برفضه، وحين قبلت سورية بالبروتوكول انهالت الاتهامات وسادت لغة من التشكيك المسبق بعدم تسهيل مهمة المراقبين، وبعدما بدأت مهمتهم وكانت الأجواء ايجابية وفق تصريحات رئيسها، خرجت المواقف فرادى وجماعات في انتقاد هنا، وفي تشكيك هناك.. بلغة آمرة تارة ولهجة حازمة تارة أخرى.
ماهو مسلم به مبدئياً، أن الأجواء حين تكون ايجابية في دمشق، تتلبد في عواصم القرار الغربي، وتصبح عاصفة في بعض العواصم العربية والاقليمية مما يدفع إلى موجة جديدة من الايحاءات وأمر العمليات، منها ما يأتي على شكل خارطة مرسومة ومثبت عليها الإحداثيات، وبعضها يكون على شكل أوامر واجبة التنفيذ.
فالمتابع لهذه اللغة الأميركية والفرنسية حيال عمل لجنة المراقبين لابد أن يتوقف عند الدلالات التي تنطوي عليها تلك المصطلحات، وهي تشي بخارطة من الايحاءات والإحداثيات، فيما تكون «التعويذة» الأميركية لأمر العمليات القادم قابعة بين سطور تلك المواقف.
ولا نعتقد أن الأمر يحتاج إلى جهد كبير حتى يتمكن أي متابع من قراءة تلك الالتواءات والتعرجات التي سادت وتسود المواقف الأميركية، والغربية عموماً، وخصوصاً حين تكون بلهجة الاملاء وبصيغة التعليمات الصارمة التي لاتقبل النقاش ولا الجدل.
فالافتراض المنطقي كان يقضي بأن يأخذ المراقبون فرصتهم من الوقت، وأن يكون الحكم النهائي منوطاً بما يجري على الأرض، وليس بما هو مخطط مسبقاً..
المفارقة أن المراقبين والجامعة معاً يتعرضون لقصف سياسي مسبق، بدأته تلك الأصوات المحرضة التي لاتقبل بأقل من التدخل الخارجي، وسرعان ماانتقلت عدوى هذا القصف إلى العواصم الغربية التي لم تتردد في التقاط الصدى لإعادة تصويب القصف السياسي بحيث يكون مقدمة لما هو قادم أو آتٍ.
في كل الأحوال، لم يكن مفاجئاً بالنسبة لنا هذا الانقلاب على عمل المراقبين منذ بدايته، ولم يكن مستغرباً ما دامت الغاية تبرير الاستهداف والاستمرار في دعم أدواته، خصوصاً مع التصعيد الإرهابي الخطير على أكثر من مستوى..
لن نستبق الأمور.. ونترك الحقائق وحدها تتكلم.. وما هو مطلوب من سورية يُقدّم على أكمل وجه.. وهو أمر نعتقد أن المراقبين أنفسهم قد لمسوه جيداً.. وكل ما نأمله أن تكون النيات محكومة بهذه الحقائق وبانتظار القادم من الأيام.
لا شك في أن الأمور محكومة بخواتيمها.. ومن المبكر جداً الفصل فيها.. أو الحكم عليها.. وما زال في الوقت متسع لحديث مطوّل عن تفاعلاتها القادمة على أكثر من صعيد.
a-k-67@maktoob.com