وعبر حدوده المشتركة مع تركيا، إضافة إلى مصارفه، لم يُحرك ساكناً، ولم يتخذ موقفاً، بل إنّه منع الإعلام من الحديث عن ذلك، وكلّفه رسمياً بالعمل في الاتجاه المعاكس ترويجاً لأكاذيب اخترعها.
اليوم، حتى بعد الحماقة التي ارتكبها أردوغان بإسقاط الطائرة الروسية، وحتى بعد تفجيرات باريس، وبعد التهديدات الإرهابية الأخرى لعدد من دول القارة العجوز، لم يتحرك الغرب في الاتجاه الصحيح، وما زال يراوغ ويداهن ويختار الموقف الخطأ فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب وتداعياتها المختلفة، رغم معرفته التامة بالكثير من الحقائق الماثلة، فلماذا تبدو اصطفافات الغرب السياسية والعسكرية على هذا النحو، وهل يُقدّر أنّ من مصلحته أن يتعقّد الوضع أكثر، أم أنه سيدع أردوغان يورطه فيما لا تُحمد عقباه؟.
إغلاق الحدود والمطارات والموانئ والمصارف التركية في وجه الإرهابيين، وفي وجه ما يُرسل إليهم من مال وسلاح مصلحة مشتركة للعالم، لأن ذلك يختصر الكثير من الزمن والجهد اللازمين للقضاء على الإرهاب، ولأن ذلك يوفر على جميع الأطراف أعباء كبيرة، ويجنبها مخاطر أكبر، ومشكلة الهجرة واللاجئين تبدو واحدة من أصغر المشكلات إذا ما قيست بمشكلة انتشار الإرهاب، فما الذي فعله الغرب بهذا الخصوص، ولماذا يتقاعس عن تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة التي تؤكد على تطويق الإرهاب، وعلى أهمية تجفيف منابعه التي يعرفها الغرب جيداً؟.
عدم تقديم الإجابات على هذه التساؤلات، وتجاهل الغرب وأميركا ممارسات تركيا وقطر والسعودية في هذا المجال، هو تصرفٌ غير مسؤول، وغير مبرر ولا يمكن قبوله حتى لو تم البدء الآن بمحاولة تصحيحه تحت ضغط المخاوف التي بدأت تجتاح المجتمعات الأوروبية، وإنّ محاولة البعض الأوروبي اللعب على حبلي التحالف الأميركي المزعوم من جهة، والدور الروسي المهم الذي تقوم به موسكو منذ الثلاثين من أيلول الماضي من جهة أخرى، هي محاولة عبثية لا تخدم أحداً وينبغي الإقلاع عنها فوراً.
وإذا كان الغرب وأميركا تحديداً لم يأخذا علماً بعد بأن روسيا وحلفاء سورية بالتعاون مع جيشها العامل كقوة وحيدة على الأرض ضد الإرهاب، لن يدعو الأحمق (أردوغان) الذي يحظى بدعمهم يفجر المنطقة ما لم تتحقق أحلامه المستحيلة، وما لم تتحقق مخططاتهم بتمزيق سورية، فعليهم اليوم أن يبادروا إلى لجم حماقات النظام في أنقرة، وعليهم أن يدركوا بأن مروحة الخيارات باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، وربما يكون أقلها إغلاق الحدود التركية أمام الإرهابيين وأمام تجارة النفط المسروق بالنار.